فليس الجامع هاهنا من قبيل الكلّي الذي له وجود بوجود هذا الفرد وله وجود آخر بوجود الفرد الآخر ، كما هو الشأن في الكلّي الطبيعي في الموارد الأخر ، بل ها هنا يشبه الفرد الشخصي المردّد بين كونه كذا وبين كونه كذا.
فالشكّ في البقاء فيه يرجع إلى أنّ هذا الكلّي الذي حكم عليه الشارع بالبقاء أو بالزوال هل هو باق أم لا؟ ومعلوم أنّ هذا الكلّي الذي إمّا باق أو زائل على كلّ واحد من التقديرين ليس قابلا للإبقاء ؛ لأنّه على تقدير الزوال ممتنع البقاء ، وعلى تقدير البقاء يكون إبقاؤه تعبّدا من قبيل تحصيل الحاصل بل أسوء منه ؛ لأنّه يكون من تحصيل ما هو حاصل بالوجدان بالتعبّد ، ولا يقاس بالكلّي الذي له فردان : باعتبار إضافة خصوصية إلى الطبيعة يحصل فرد منها ، وبإضافة خصوصيّة أخرى بدل الأولى يحصل فرد آخر ؛ لأنّه هناك للطبيعة وجودان : وجود منضمّ إلى هذه الخصوصية ، ووجود آخر منضمّ إلى خصوصية أخرى.
فالشكّ في أنّ الخصوصية المنضمّة إلى الطبيعة أيّة واحدة من الخصوصيّتين موجب للشكّ في بقاء الطبيعة ؛ لأنّ مرجع الشكّ الأوّل إلى أنّه هل الجامع بين الوجودين وجد في ضمن وجود الفرد الزائل كي يكون زائلا ، أو وجد في ضمن وجود الفرد الباقي كي يكون باقيا ، فيكون شكّا في بقاء ذلك الجامع الذي نسمّيه بالكلّي.
وفيما نحن فيه ليس للملكيّة وجودان ، أحدهما في ضمن الذي حكم عليه الشارع بالبقاء ، والآخر في ضمن الذي حكم عليه بالزوال ، بل وجود واحد إمّا حكم عليه بالبقاء أو بالزوال ، فالاستصحاب مرجعه إلى أنّ هذا الوجود الباقي باق ، أو هذا الوجود الزائل باق ، وكلاهما محالان ، كما بيّنّا وجهه ، وعبّر عن هذا المعنى شيخنا الأستاذ قدسسره (١) بأنّه يلزم منه إدخال عقد الجمل في عقد الوضع ، فافهم فإنّه دقيق
__________________
(١) « المكاسب والبيع » ج ١ ، ص ١٧٤.