وبالتأمّل حقيق.
وهذا الكلام ، أي كون الملكيّة مستقرّة أو متزلزلة ليس باعتبار اختلاف في حقيقة الملك ، بل إنّما هو باعتبار حكم الشارع في بعض المقامات عليه بالزوال برجوع المالك ، وفي بعض المقامات الأخر بعدم الزوال بالرجوع ، ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف حقيقة السبب المملّك ، لا اختلاف حقيقة الملك.
فجواز الرجوع وعدمه من الأحكام الشرعيّة للسبب ، لا من الخصوصيّات المأخوذة في المسبّب ، وقد أخذه شيخنا الأستاذ قدسسره من الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره ولكن الشيخ الأعظم (١) علّل بهذا صحّة جريان الاستصحاب ، وشيخنا الأستاذ (٢) علل به عدم صحّة جريانه. والتوفيق بين الكلامين أنّ شيخنا الأستاذ أراد به عدم جريان استصحاب الكلّي ، والشيخ الأعظم أراد صحّة استصحاب الشخصيّ وأنّه ليس من الكلّي ولا من الفرد المردّد ، وكلا القولين في غاية القوّة والمتانة.
أمّا الأوّل : أي عدم جريان استصحاب الكلّي ، فقد بيّنّا وجهه فلا نعيد.
وأمّا القول الثاني : كون هذا الاستصحاب شخصيّا وأنّه ليس من الفرد المردّد فلا مانع من جريانه ؛ فلأنّ الملكيّة الحاصلة من العقد أو من المعاملة الخارجيّة شخصي لا تعدّد فيها على الفرض ؛ لأنّ المفروض أنّ اللزوم أو الجواز من الأحكام الشرعيّة للسبب لا من خصوصيّات المسبّب.
فالمسبّب باق على النحو الذي أنشأ ووجد في عالم الاعتبار ، أي على تشخّصه وتفرّده ، فبواسطة الشكّ في أنّ الشارع حكم باللزوم وعدم الرجوع أو الجواز ورجوع المال إلى مالكه الأوّلى يشكّ في بقائه فيستصحب ؛ لتماميّة أركانه من اليقين بوجود الملكيّة الشخصيّة ، والشكّ في ارتفاعها بواسطة الشكّ في حكم الشارع باللزوم
__________________
(١) « المكاسب » ص ٨٥.
(٢) « المكاسب والبيع » ج ١ ، ص ١٧٤.