شرحنا هذه القاعدة ـ أي قاعدة كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه ـ في الجزء الثاني من هذا الكتاب (١) مفصّلا ، وإن شئت فراجع.
وثانيا : أنّ الضمان إمّا عقدي ، وهو أن يضمن ما في ذمّة شخص فينتقل ما في ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن ، ويسمّى بالضمان العقدي ؛ لأنّه عقد يحتاج إلى إيجاب وقبول ، فالإيجاب من الضامن ، والقبول من المضمون له ، فالضامن يقول مثلا : أنا ضامن لما في ذمّة زيد لك ، أو يقول : أتعهّد بما في ذمّة زيد لك ، والمخاطب المضمون له ، فيقول المضمون له : قبلت ، أو ما يفيد الرضا بذلك. وأمّا المضمون عنه فأجنبيّ عن هذه المعاملة ، حتّى أنّ رضاه بهذه المعاملة ليس بشرط.
وإمّا يكون من قبيل ضمان المعاوضي في باب المعاوضات والمعاملات ، وهو المسمّى بضمان المسمّى ، وهو الذي يسمّيه المتعاقدان ويجعلونه عوضا لما ينتقل إليه من طرفه ، فكلّ واحد من العوضين في باب المعاوضات يسمّى بضمان المسمّى ، فالمبيع ضمان المسمّى للثمن كما أنّ الثمن أيضا ضمان المسمّى للمبيع. وقد عبّر عليهالسلام في رواية عقبة بن خالد عن المسمّى بالضمان حيث قال عليهالسلام : « فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقّه » (٢).
وإمّا يكون ضمانا واقعيّا. والمراد به المثل في المثلي والقيمة في القيمي ، والضمان الواقعي عبارة عن كون الشيء بوجود الاعتباري في ذمّة الشخص ، وإن شئت قلت : عبارة عن اعتبار وجود الشيء في ذمّة الشخص ؛ وذلك لأنّ الأمر الاعتباري لا وجود له في الخارج ، وإلاّ لكان داخلا تحت إحدى المقولات العشر ، والخارج ليس وعاء لوجوده ، بل وعاء لاعتباره ، ولا يخرج عن عهدة هذا الأمر الاعتباري ولا تفرغ ذمّته إلاّ بأدائه إلى من هو له ، وأداؤه بعد انعدام نفسه في الخارج في الدرجة
__________________
(١) راجع « القواعد الفقهية » ج ٢ ، ص ٧٧.
(٢) « الكافي » ج ٥ ، ص ١٧١ ، باب الشرط والخيار في البيع ، ح ١٢ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٣٥٨ ، أبواب الخيار ، باب ١٠ ، ح ١.