القتال فيه إلى آخر الفقرات.
قال الأردبيلي قدسسره في آيات أحكامه في مقام شرح هذه الآية : أي : لا تجعلوا محرّمات الله حلالا ومباحا ، ولا بالعكس يعنى لا تتعدّوا حدود الله (١).
ومورد نزول الآية أيضا يدلّ على أنّ المراد بإحلال الشعائر القتال والنهب والغارة في الشهر الحرام ، وهو أنّ الحطم بن هند البكري أحد بنى ربيعة أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وحده ، وخلف خيله خارج المدينة ، فقال : إلى ما تدعو؟ وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لأصحابه : « يدخل عليكم اليوم رجل من بنى ربيعة يتكلّم بلسان شيطان » فلمّا أجابه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أنظرني لعلّي أسلم ولي من أشاوره ، فخرج من عنده فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقب غادر » فمرّ بسرح من سروح المدينة فساقه وانطلق به ويرتجز إلى آخر رجزه.
ثمَّ أقبل من عام قابل حاجّا قلّد هديا ، فأراد رسول الله أن يبعث إليه ، فنزلت هذه الآية ومنع الله تعالى رسوله عن القتال ، وأخذ الهدي ، وهذا قول عكرمة وابن جريح في بيان شأن نزول الآية.
وقال ابن زيد : نزلت يوم الفتح في ناس يؤمّون البيت من المشركين يهلّون بعمرة ، فقال المسلمون : يا رسول الله إنّ هؤلاء مشركون مثل هؤلاء ، دعنا نغير عليهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، أي منعهم عن الإغارة عليهم. (٢)
وعلى كلّ حال يكون المورد أيضا قرينة أخرى على أنّ المراد بالشعائر في هذه الآية مناسك الحجّ ، لا مطلق المحترمات في الدين ، فلا دلالة في هذه الآية على حرمة إهانة مطلق ما هو محترم في الدين.
وأمّا الأخبار : فما وجدنا رواية معتبرة تدلّ على حرمة إهانة ما هو محترم في
__________________
(١) « زبدة البيان في أحكام القرآن » ص ٢٩٥.
(٢) « مجمع البيان » ج ٢ ، ص ١٥٣.