وأمّا الرواية الرابعة ـ أي رواية الكاهلي ـ فقوله عليهالسلام : « أمّا أنا فلا أواكل المجوسيّ » وإن كان من الممكن أن يكون تنزيها منه عليهالسلام لا من جهة حرمته فلا يدلّ على حرمة المؤاكلة معهم كي يستكشف منها نجاستهم ، لكن قوله عليهالسلام فيما بعد ذلك « وأكره أن أحرّم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم » فيه إشعار بأنّ الحكم الواقعي وإن كان هي الحرمة ، ولكن أنا أكره إظهاره لأجل إنّكم تصنعون خلافه في بلادكم ، فيشير بهذه العبارة إلى عدم التحريم ، وكراهته لأجل الخوف والتقيّة ، وعلى كلّ حال إن لم تكن ظاهرة في ما قلنا ليست ظاهرة في طهارتهم كما توهّم.
وأمّا الخامسة ـ أي صحيحة عليّ بن جعفر ـ فقوله عليهالسلام : « لا يأكل المسلم مع المجوسي في قصعة واحدة » فلها كمال الظهور في نجاسة المجوسي ، ولكن الاستدلال بها موقوف على عدم القول بالفصل بين المجوسي وبين اليهودي والنصراني ، وعلى هذا النمط سياق روايته الأخرى.
ثمَّ إنّ بعضهم استدلّ على نجاسة أهل الكتاب بقوله تعالى ( كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ) (١) باعتبار أنّ المراد من الرجس هي النجاسة ، ولا شكّ أنّ المراد من الذين لا يؤمنون في الكتاب العزيز هم مطلق الكفّار الذين لم يؤمنوا بالنبي وأنكروا رسالته ونبوّته ، سواء كانوا من أهل الكتاب أو من غيرهم ، فظاهر الآية أنّ الله تبارك وتعالى جعل النجاسة على الكفّار ، فهم نجسون.
ولكن يظهر من تفسير الآية ـ كما ذكره المفسرون ـ أنّ المراد من الرجس هنا العذاب والعقاب ، وعلى كلّ حال إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال ، لانهدام الظهور.
هذا ، مضافا إلى عدم ظهور لفظة الرجس في حدّ نفسها في النجاسة الخبثيّة.
ثمَّ إنّه قد استدلّ لنجاستهم بروايات أخر كثيرة متفرّقة في أبواب الفقه ، كصحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى عليهالسلام قال : سألته عن النصراني يغتسل مع المسلم في
__________________
(١) الأنعام (٦) : ١٢٥.