إلى شخص ، فيرتفع حرمتهما عن ذلك الشخص دون الآخرين الذين ليس تركهما لهم حرجيّا ، وهذا ليس تفصيلا في المسألة ، بل هذه القاعدة تجري في جميع الأحكام الشرعيّة إلاّ في الأحكام التي يكون موضوعها حرجيّا دائما ، مثل الجهاد مثلا.
وأمّا إنّ أراد بارتفاع الحرمة وعدم لزوم الاجتناب عنهم ارتفاعها مطلقا ، ولو لم يكن بالنسبة إليه حرجيّا للحرج النوعي ، فيحتاج إلى دليل يدلّ على ذلك ، وليس شيء هاهنا ومن هذا القبيل ، بل يجب الاجتناب عمّا لاقى بدنهم بالرطوبة إلاّ أن يكون الاجتناب بالنسبة إلى خصوص شخص حرجيّا ، وهذا لا اختصاص له بالكافر ، بل إذا كان الاجتناب عن أيّ نجس بالنسبة إلى أيّ شخص حرجيّا بالخصوص فلا يجب الاجتناب ، بناء على جريان القاعدة في المحرّمات أيضا مثل الواجبات ، على إشكال في ذلك خصوصا في الكبائر.
فالتمسّك بقاعدة الحرج لإثبات طهارتهم ، أو العفو عن لزوم ترتيب آثار النجاسة مع ملاقاتهم بالرطوبة ، أو استعمال ما لاقاهم بالرطوبة فيما يشترط فيه الطهارة كالأكل والشرب إذا كان الملاقي لهم من المأكولات والمشروبات ، أو الصلاة فيه إذا كان من الثياب مثلا لا وجه له أصلا ، وقاعدة الحرج أجنبيّة عن هذا المقام.
وأمّا الاستدلال لطهارة أهل الكتاب بآية ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) (١) بأن يقال : قوله تعالى ( طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ ) مطلق يشمل ما باشروه بالرطوبة وما لم يباشروه ، فإذا كان ما باشروه مع الرطوبة حلالا فلا بدّ من القول بطهارتهم ، وإلاّ لو كانوا نجسين فما باشروه مع الرطوبة يصير نجسا فيكون أكله حراما لحرمة أكل النجس ، فحلّيته مطلقا تكون ملازمة مع طهارتهم.
__________________
(١) « المائدة (٥) : ٥.