وقال جماعة أخرى منهم المحقّق الخونساري ، وابنه آغا جمال ، (١) والأردبيلي ، وكاشف اللّثام ، وصاحب الذخيرة (٢) ، والمحقق القمّي قدسسره أنّ جحود الضروري ليس بكفر في نفسه ، إلاّ إذا كشف عن إنكار النبوّة.
واستدلّ للقول الأوّل بالإجماع والأخبار التي منها صحيحة الكناني ـ وهي عمدتها ـ عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام : من شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مؤمنا؟ قال عليهالسلام : « فأين فرائض الله؟ ». قال : وسمعته يقول : كان عليّ عليهالسلام يقول : « لو كان الإيمان كلاما لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام ». قال : وقلت لأبي جعفر عليهالسلام : إنّ عندنا قوما يقولون إذا شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو مؤمن؟ قال عليهالسلام : « فلم يضربون الحدود؟ ولم تقطع أيديهم؟ وما خلق الله عزّ وجلّ خلقا أكرم على الله عزّ وجل من مؤمن ، لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين ، وإنّ جوار الله للمؤمنين ، وإنّ الجنّة للمؤمنين ، وإنّ الحور للمؤمنين ثمَّ قال عليهالسلام : فما بال من جحد الفرائض كان كافرا » (٣).
وموضع الاستدلال لقولهم بأنّ إنكار الضروري موجب للكفر وإن لم يكن موجبا لتكذيب النبوّة هي الجملة الأخيرة من هذه الرواية ، فكأنّه عليهالسلام جعل كفر من يجحد الفرائض من المسلّمات ومفروغا عنه ، فيقول عليهالسلام : لو كان صرف قول الشهادتين كافيا في تحقيق الإسلام فلما ذا يكون جاحد الفرائض كافرا؟ فالنتيجة أنّ جاحد الفرائض كافر مع إقراره بالشهادتين ، فمنكر الضروري الجاحد للفرائض ليس كفره من جهة تكذيبه للنبوّة ، بل كافر مع إقراره بالتوحيد والنبوّة.
وفيه : أنّ الجحد هو الإنكار مع العلم. قال في القاموس : جحد حقّه : أنكره مع
__________________
(١) « التعليقات على شرح اللمعة الدمشقية » ص ٢٤.
(٢) « ذخيرة المعاد » ص ١٥٢.
(٣) « الكافي » ج ٢ ، ص ٣٣ ، باب بدون العنوان من كتاب الايمان والكفر ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١ ، ص ٢٣ ، أبواب مقدمة العبادات ، باب ٢ ، ح ١٣.