علمه (١). فلا محالة يكون جاحد الفرائض التي من الضروريّات مكذّبا للنبوّة ، فلا يتمّ الاستدلال. فجحده للفرائض ينقض إقراره ، فيكون كافرا من جهة أنّ إنكار وجوب الفرائض يرجع إلى تكذيب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتكذيب أنّ كلّ ما جاء به هو من عند الله.
ومنها : صحيح عبد الله بن سنان : « من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنّها حلال أخرجه ذلك من الإسلام وعذّب أشدّ العذاب ، وإن كان معترفا أنّه ذنب ومات عليها أخرجه من الإيمان ولم يخرجه من الإسلام ، وكان عذابه أهون من عذاب الأوّل » (٢).
والاستدلال بهذه الصحيحة على أنّ إنكار الضروري كفر بنفسه من دون كونه موجبا لتكذيب النبوّة ، قوله عليهالسلام : « فزعم أنّها حلال » فإن زعم حلّية شرب الخمر مثلا التي هي إحدى الكبائر للضروري ، لأنّ حرمته من الضروريّات ، وهذا الإنكار والزعم سبب لخروجه عن الإسلام ، مع عدم إنكاره للنبوّة.
وفيه : أنّ حرمة الكبائر معلومة لنوع المسلمين ، ولا يجهله إلاّ من هو جديد العهد بالإسلام ، أو كان في بلاد بعيدة عن بلاد الإسلام ، مع عدم معاشرته مع المسلمين ، وإلاّ فزعم حلّية الكبيرة غالبا ملازم مع تكذيب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذا هو ظاهر الرواية ، فلا تدلّ على أنّ إنكار الضروري بنفسه سبب مستقلّ للكفر الذي هو مدّعاهم.
وهنا روايات أخر ذكروها لمدّعاهم تركنا ذكرها لوضوح عدم دلالتها ، فقد عرفت عدم دلالة هذه الأخبار على أنّ إنكار الضروري سبب مستقلّ للكفر.
وأمّا الإجماع : الذي ادّعوه في المقام ، فلا صغرى له ولا كبرى. أمّا الصغرى فلكثرة القائلين بالخلاف من الذين هم العظماء من الفقهاء. وأمّا الكبرى فلأنّ إجماعهم ليس من الإجماع المصطلح الذي نقول بحجّية الذي كاشف قطعي عن رأي
__________________
(١) « القاموس المحيط » ج ١ ، ص ٢٩٠ ( جحد ).
(٢) « الكافي » ج ٢ ، ص ٢٨٥ ، باب الكبائر ، ح ٢٣ ، « وسائل الشيعة » ج ١ ، ص ٢٢ ، أبواب مقدّمة العبادات ، باب ٢ ، ح ١٠.