اسم مصدر وبمعنى الاتّقاء ، فكون الاتّقاء من الدين أي : يجب الاتّقاء.
وهكذا قوله عليهالسلام : « لا دين لمن لا تقيّة له » (١) أي : لا دين لمن ترك التقيّة ويلقى نفسه في الهلكة ، وهذا غير أن يكون ما يتّقى به من العمل الموافق لهم المخالف للحقّ من الدين.
ويمكن أن يكون نظر المحقّق الثاني (٢) قدسسره في التفصيل الذي ذكره ـ بين الإذن في إتيان واجب بخصوصه تقيّة ، أي موافقا مع من يخاف منه وإن كان مخالفا للحقّ في نظره ، فيكون مجزيا فلا إعادة عليه ولا القضاء بعد رفع الخوف ؛ وبين ما إذا كان الواجب الذي يأتي به تقيّة لم يرد في إتيانه بذلك الوجه المخالف للحقّ إذن ورخصة بالخصوص ، بل ليس في البين إلاّ تلك الأخبار العامّة الآمرة بلزوم التقيّة بقوله عليهالسلام : « التقيّة من ديني ودين آبائي » (٣) ، ورواية المعلّى بحذف « من » ، وهي رواية أخرى ، والرادعة عن تركها بقوله عليهالسلام : « لا دين لمن لا تقيّة له » (٤) ـ إلى هذا الذي ذكرنا من كون نظر الأخبار العامّة إلى لزوم الاتّقاء ووجوبه وحرمة تركه وإلقاء نفسه في الهلكة ، وإلاّ فأيّ فرق بين أن يكون الإذن والرخصة بصورة القضيّة الشخصيّة الخارجيّة ، بصورة القضيّة الكلّية الحقيقيّة.
والإنصاف : أنّه لا يمكن إسناد مثل هذا إلى مثل ذلك المحقّق الذي هو من أعاظم أساطين الفقه.
وعلى كلّ حال إذا صدر إذن من قبل الشارع بإتيان واجب بخصوصه أو الواجبات عموما بصورة عامّة موافقا معهم ، وإن كان مخالفا للحقّ من جهة الخوف
__________________
(١) سبق ذكره في ص ٥١ ، رقم (٤).
(٢) « رسائل المحقق الكركي » ج ٢ ، ص ٥١.
(٣) سبق ذكره في ص ٥١ ، رقم (٥).
(٤) « الكافي » ج ٢ ، ص ٢٢٣ ، باب الكتمان ، ح ٨ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١١ ، ص ٤٨٥ ، أبواب الأمر والنهي ، باب ٣٢ ، ح ٦.