ولا فرق بين أن يكون تعذّر القيد فعلا أو تركا من جهة التقيّة ، أو من جهة أخرى من أنواع الاضطرار إلى الفعل أو الترك ؛ لأنّ المناط في الجميع واحد ، وهو عدم القدرة على الإتيان بالمأمور به الواقعيّ. وقد حرّرنا المناط في كتابنا « منتهى الأصول » (١) إن شئت فراجع.
نعم سنتكلّم في أنّ أمر التعذّر من جهة التقيّة أوسع من التعذّر من الجهات الأخر ، وعمدة ذلك هو أنّ التقيّة شرّعت لأجل حفظ دماء المتّقين ، ولذلك لا يعتبر فيها عدم وجود المندوحة ، كما سنبيّن إن شاء الله تعالى.
وعلى كلّ حال الذي يسهل الخطب ويثبت إجزاء فاقد الشرط أو الجزء أو واجد المانع هو عمومات بعض أخبار التقيّة ، كقوله عليهالسلام : « التقيّة ديني ودين آبائي » في رواية المعلّى أو : « من ديني ودين آبائي » كما في سائر الطرق ، بناء على أن يكون المراد من التقيّة هو العمل الموافق لهم المخالف للحقّ ، أي ما يتّقى به ، لا الاتّقاء كما هو ظاهر اللفظ.
وأمّا الاستدلال للإجزاء برواية مسعدة بن صدقة بقوله عليهالسلام فيه : « فكلّ شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة ممّا لا يؤدّي إلى الفساد فإنّه جائز » (٢) لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ ظاهر قوله عليهالسلام « فإنّه جائز » هو الجواز تكليفا ، وهذا لا ربط له بالإجزاء ، وإلاّ فهذا المعنى قطعيّ ولا كلام فيه من أحد ، نعم قيّد عليهالسلام الجواز بما لا يؤدّي إلى الفساد ، وإلاّ لو أدّى إليه فلا يجوز حتّى تكليفا.
فالعمدة في دلالة روايات التقيّة على الإجزاء هو الذي قلنا من كون التقيّة دينا أنّه يرجع إلى أنّه حكم واقعي ثانوي ، وقد أثبتنا كونه مجزيا في مبحث الإجزاء في
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ١ ، ص ٢٤٤.
(٢) « الكافي » ج ٢ ، ص ١٦٨ ، باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الإيمان وينقضه ، ح ١ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١١ ، ص ٤٦٩ ، أبواب الأمر والنهي ، باب ٢٥ ، ح ٦.