وإنّما أذن الشارع في إتيانه لأجل دفع الضرر عن نفسه أو ماله أو عرضه أو عن غيره ممّن يخصّه ذلك ، فإذا ارتفع الخوف ولم يكن احتمال ضرر في البين ، فلا وجه لاحتمال وجود الأثر الذي هو للوضوء الواقعي على هذا الفعل المسمّى بالوضوء عندهم ، وهو ليس بالوضوء واقعا.
وكذلك لو أوقع نكاحا أو طلاقا على وفق مذهبهم تقيّة مع بطلانهما عندنا ، فمع ارتفاع التقيّة وحصول الأمن لا وجه لاحتمال وجود آثار النكاح أو الطلاق الصحيحين ، وهل الحكم بوجود أثرهما مع عدم صحّتهما إلاّ من قبيل وجود الأثر بدون المؤثّر. وإن شئت قلت : هل هذا إلاّ من قبيل وجود الحكم بدون الموضوع.
وأمّا جواز التقيّة بل لزومها في بعض الموارد على فرض أن يكون الفعل أتى به تقيّة مجزيا عن إتيان الواقع ثانيا بعد رفع التقيّة ، لا يثبت وجود موضوع ذلك الأثر.
نعم لو كان موضوع الأثر هو الأعمّ من الوضوء الواقعي الأوّلي والوضوء تقيّة مثلا ، فلا شبهة في ترتّب ذلك الأثر لوجود موضوعه. لكن هذا خلاف الفرض ، وكذلك لو كان الموضوع للأثر امتثال ذلك الأمر الثانوي.
ثمَّ إنّ ما ذكرنا في القسم الأوّل من إجزاء ما أتى به تقية عن إتيان المأمور به بالأمر الواقعي ثانيا ، هل يشترط فيه عدم وجود المندوحة ، أم لا؟
الظاهر هو الثاني.
بيان ذلك : أنّ الأقوال في المسألة ثلاثة : قول بعدم الاعتبار مطلقا ، وذهب إليه الشهيدان في البيان (١) والروض (٢). وقول بالاعتبار مطلقا ، وذهب إليه صاحب المدارك. (٣)
__________________
(١) « البيان » ص ٤٨.
(٢) « روض الجنان » ص ٣٧.
(٣) « مدارك الأحكام » ج ١ ، ص ٢٣١.