وقول بالتفصيل بين ما إذا كان الفعل الذي يتقى به مأذونا بالخصوص ، كالصلاة معهم ، أو الوضوء مع المسح على الخفّين وأمثال ذلك فقال بعدم الاعتبار ، وبين ما لم يأذن الشارع فيه بالخصوص فقال بالاعتبار.
والمراد من المندوحة هو تمكّن المكلّف من الإتيان بالفرد التامّ الأجزاء والشرائط الفاقد للموانع ، وذلك بأن يأتي إمّا في زمان آخر من مجموع الوقت ، وذلك لا يكون إلاّ في الواجب الموسّع ، أو يأتي به في مكان آخر لا يخاف من عدوّ كي يتّقيه ، أو يوهم الإتيان بشكلهم مع أنّه واقعا يأتي بما هو الحقّ عنده.
فالأوّل يسمّى بالمندوحة الطوليّة ، والثاني والثالث بالمندوحة العرضيّة. والطوليّة والعرضيّة في المقام بحسب الزمان ، وقد عرفت أنّ هذا التقسيم لا يأتي إلاّ في الواجب الموسّع.
إذا عرفت هذا فنقول :
أمّا التفصيل الذي ذهب إليه المحقّق الثاني (١) قدسسره فقد تقدّم أنّه لا وجه له أصلا ؛ لأنّه أيّ فرق بين أن يكون إتيان الواجب موافقا لهم مأذونا بالخصوص ، أو كان مأذونا بعنوان عامّ ؛ لأنّ المناط في كلتا الصورتين صيرورته واقعيّا ثانويّا ، ولذلك قلنا بالإجزاء وعدم الاحتياج إلى إعادته بعد ارتفاع التقيّة وحصول الأمن ، فإن كان الإذن الخاصّ غير مشروط بعدم المندوحة ، فليكن الإذن بعنوان العامّ أيضا كذلك.
أمّا تعليله للفرق بأنّ الإذن في التقيّة من جهة الإطلاق لا يقتضي أزيد من إظهار الموافقة مع الحاجة.
ففيه : أنّ الإذن في العمل الذي يتّقى به إن كان أمرا بالامتثال بتلك الصورة فيكون فردا اضطراريّا لطبيعة المأمور به ، فيكون مجزيا عن الإعادة بعد رفع الاضطرار كما هو الشأن في الأوامر الواقعيّة الثانوية ، فلا فرق بين الإذن بالخصوص وبين الإذن بالعموم
__________________
(١) « رسائل المحقق الكركي » ج ٢ ، ص ٥١.