في ذلك.
وأمّا لو كان الإذن في العمل لأجل الفرار والخلاص من شرّهم فقط ، فالإذن الخاصّ أيضا لا يثبت به الإجزاء ، وعلى كلّ حال الفرق بين الإذن الخاصّ والعامّ لا أثر له في هذا المقام ، بل المناط كلّ المناط في المقام ـ بعد الفراغ عن أنّ الأمر بإتيان الواجب تقيّة مجز عن الإعادة والقضاء ـ هو أنّ هذا الأمر سواء كان بعنوان خاصّ أو عامّ هل هو مقيّد بعدم المندوحة وكونه مضطرّا إلى إيجاده تقيّة ، أم لا بل مطلق من هذه الجهة.
فإن كان هناك دليل على التقييد يؤخذ به ، وإلاّ فمقتضى عمومات التقيّة والإذن فيها ـ كقوله عليهالسلام : « التقيّة ديني ودين آبائي » (١) وأمثالها ممّا تقدّم ذكرها ، بناء على ما ذكرنا من أنّ المراد من التقيّة هو الفعل الذي يأتي به تقيّة ـ هو عدم اعتبار عدم المندوحة.
نعم لا بدّ من صدق التقيّة في الأمر بها ، وهو أن يكون إتيان الواجب الواقعي الأوّلي مظنّة الضرر ، بحيث يخاف على نفسه أو ماله أو عرضه ؛ وذلك لعدم تحقّق موضوع الأمر بها بدونه.
ولذلك لا بأس بالقول بالتفصيل بين ما يمكن له إيجاد المأمور به الأوّلى ، بأنّ يوهمهم الموافقة من دونها ، وبين ما لا يمكن ذلك ، ففي الصورة الأولى يقال بالاعتبار دون الثانية. ولكن في الحقيقة هذا ليس تقييدا في التقيّة ، بل محقّق لموضوعها.
وعلى كلّ حال هذه المطلقات تدلّ على مشروعيّة التقيّة وإن كان يمكن له أن يأتي بالفرد التامّ بانتقاله إلى مكان آخر ، أو بتأجيل الإتيان به إلى زمان آخر ، فليس جواز التقيّة ولا إجزاؤها عن الإعادة والقضاء مشروطا بعدم المندوحة العرضيّة ، أي التمكّن من الإتيان بالفرد التامّ الأجزاء والشرائط الفاقد للموانع المأمور به بالأمر
__________________
(١) تقدّمت في ص ٥١ ، رقم (٥).