ولكن للأخبار المذكورة معارضات ظاهرها أنّ جواز التقيّة وإجزاءها عن الواقع الأوّلي منوط بعدم وجود المندوحة.
منها : رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر المعروف بالبزنطي ، عن إبراهيم بن شيبة قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليهالسلام أسأله عن الصلاة خلف من تولّى أمير المؤمنين وهو يمسح على الخفّين؟ فكتب عليهالسلام : « لا تصلّ خلف من يمسح على الخفيّن ، فإن جامعك وإيّاهم موضع لا تجد بدّا من الصلاة معهم ، فأذّن لنفسك وأقم ، فإن سبقك إلى القراءة فسبّح » (١).
ومنها : رواية معمّر بن يحيى : « كلّما خاف المؤمن على نفسه فيه ضرورة فله فيه التقيّة » (٢).
ومنها : المرسل المحكى عن الفقه الرّضوي عن العالم : « لا تصلّ خلف أحد إلاّ خلف رجلين أحدهما من تثق به وبدينه وورعه ، والآخر من تتّقي سيفه وسوطه وشرّه وبوائقه وشنعته ، فصّل خلفه على سبيل التقيّة والمداراة » (٣).
ومنها : ما عن دعائم الإسلام بسنده عن أبي جعفر عليهالسلام : « لا تصلوا خلف ناصب ولا كرامة إلاّ أن تخافوا على أنفسكم أن تشهروا ويشار إليكم ، فصلّوا في بيوتكم ، ثمَّ صلوا معهم ، واجعلوا صلاتكم معهم تطوّعا » (٤).
ودلالة هذه الروايات على أنّ جواز التقيّة وإجزاءها عن الإعادة والقضاء بعد
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ٣ ، ص ٢٧٦ ، ح ٨٠٧ ، باب فضل المساجد والصلاة فيها ، ح ١٢٧ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٤٢٧ ، أبواب صلاة الجماعة ، باب ٣٣ ، ح ٢.
(٢) « مستدرك الوسائل » ج ١٢ ، ص ٢٥٨ ، أبواب الأمر والنهي ، باب ٢٤ ، ح ٢.
(٣) « فقه الرضا » ص ١٤ ؛ « مستدرك الوسائل » ج ٦ ، ص ٤٥٧ ، أبواب صلاة الجماعة ، باب ٥ ، ح ٣.
(٤) « دعائم الإسلام » ج ١ ، ص ١٥١ ؛ « مستدرك الوسائل » ج ٦ ، ص ٤٥٨ ، أبواب صلاة الجماعة ، باب ٦ ، ح ١.