يفت ؛ ولذلك ترى في الأخبار الصادرة عن أهل بيت العصمة إصرارهم عليهمالسلام بأنّ « ما خالف كتاب الله » أو قولهم : « ما خالف قول ربّنا لم نقله ، أو زخرف ، أو باطل ، أو أطرحه على الجدار » (١) وأمثال ذلك ، أو قولهم في الخبرين المتعارضين : « خذ بما خالف العامّة » (٢) كلّ ذلك لأجل أن لا يتوهّم أحد أنّ كلّ ما تضمنّه الأخبار الصادرة عنهم عليهمالسلام بصدد بيان الأحكام الواقعيّة ، بل جملة كثيرة منها أعطيت من جراب النورة حسب اصطلاحهم ، وكان الرواة الفقهاء من أصحابهم عليهمالسلام يعرفون أنّ هذا الذي قال عليهالسلام لهذا الراوي هل هو حكم واقعيّ أوّلى ، أو صدر تقيّة ؛ ولذلك كانوا يقولون للراوي بعد ما يسمعون روايته : أعطيت من جراب النورة. هذا حال التقيّة في الفتوى.
وأمّا التقيّة في الحكم مثل أن يحكم على خلاف ما أنزل الله خوفا ، فهل يجوز أم لا؟
أمّا لو كان الحكم موجبا لقتل المسلم فلا يجوز قطعا ، ففي الكافي والتهذيب : « إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم ، فإذا بلغ الدم فلا تقيّة » (٣).
وأمّا فيما عداه ، فإن كان الضرر الذي يخاف منه هو أنّه يقتل لو لم يحكم ، فيكون حاله حال الفتوى بغير ما أنزل الله فيه.
وفيه صور كثيرة من حيث أهميّة ما يحكم به ، أو ترتّب الفساد عليه ، ففي بعضها أيضا لا يجوز قطعا ، وعلى كلّ حال المسألة مشكل جدّا ، أعاذنا الله منه ، وقد قال الله
__________________
(١) راجع : « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ٧٥ ، أبواب صفات القاضي ، باب ٩ : باب وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة وكيفيّة العمل بها.
(٢) « الاحتجاج » ص ١٩٥.
(٣) « الكافي » ج ٢ ، ص ٢٢٠ ، باب التقيّة ، ح ١٦ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ١٧٢ ، ح ٣٣٥ ، باب النوادر ، ح ١٣ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١١ ، ص ٤٨٣ ، أبواب الأمر والنهي ، باب ٣١ ، ح ١ و ٢.