ج) بعضهم قالوا : هو العرض المسمى بالحياة. (١)
هذا ما جاء في بيان ماهية الإنسان التي تقع مورد التکليف والخطاب الإلهي ، ولا يخفى بطلان الکثير منها ، ولکن مختارنا منها هو ما ذهب إليه جمهور الحکماء والشيخ المفيد وبنو نوبخت وحجة الإسلام الغزالي ؛ لأنه هو الموافق للبرهان العقلي والشرع المقدس ، فإن الخواجة نصيرالدين الطوسي مع أنه يذهب إلى القول بتجرد النفس الإنسانية ، ولکن في هذا البحث لم يجعلها مورداً للخطاب الإلهي ، بل جعل النفس المجردة والأجزاء الأصلية في جسم الإنسان معاً مورداً لذلک ، ويرى أن الأجزاء الأصلية باقية معه من أول العمر إلى آخره من دون أن تتبدل وتتغير زيادة أو نقيصة ، ومنها يعاد جسم الإنسان في اليوم الآخر ، وهي محفوظة في التراب ويعلمها الله ، وأينما تکون يأتي بها الله ، أو أنها تعدم وتعاد في ذلک اليوم ، کما وضح ذلک بقوله : إن قلنا بجواز إعادة المعدوم ، وفيما يلي بيان هذه المسألة :
٥. في انعدام العالم وجواز إعادة المعدوم
تعد هذه المسألة واحدة من أکثر المسائل التي حصل فيها الاختلاف بين المتکلمين والفلاسفة ؛ إذ أن الفلاسفة يعدون استحالة إعادة المعدوم من البديهات العقلية ، بينما يرى المتکلمون أن الدليل دل على إمکانها ، بل على وقوعها ؛ باعتبار أن المعاد مثل المبتدأ ، وقد دل الدليل على إمکان ووقوع المبتدأ مثله ، وقد سبق وأن ناقشنا هذا الکلام في بداية هذا الفصل فراجع ، ومن جهة أخرى تعتبر من أکثر المسائل التي نالت البحث والتحقيق من قبل المتکلمين القدماء ؛ ظناً منهم أن المعاد الجسماني متوقف على جوازها ، فيفسرون الآيات الواردة في الفناء والهلاک بالانعدام المحض للأشياء ، ثم يقولون بإمکان إعادته بعد عدمه حتى لا يخالفون الشرع والعقل القائلين بوجوب المعاد في اليوم الآخر ، في حين أن الفلاسفة يعتبرون هذه المسألة غريبة عن مسألة المعاد ، وأن الممکن بعد وجوده يستحيل عليه العدم أبداً ، ولذا
ــــــــــــــــ
١. المصدر السابق.