ي) انحصار أجناس العوالم والنشئات في ثلاثة عوالم
ما يطرحه هنا في تقسيم العوالم والنشئات الخارجية بحسب ما يتوافق مع النظر الفلسفي ، فقد قال في هذا الأصل : ( إن أجناس العوالم والنشئات مع کثرتها التي لا تحصى منحصرة في ثلاثة ، وإن کانت دار الوجود واحدة لارتباطها بعضها ببعض ، أدناها عالم الصور الطبيعية الکائنة الفاسدة أوسطها عالم الصور الادراکية الحسية المجردة عن المادة الحاملة للإمکانات والاستعدادت القابلة للمتضادات ، وأعلاها عالم الصور العقلية والمثل الإلهية ، والنفس الإنسانية مختصة من بين الموجودات لأن لها هذه الأکوان الثلاثة مع بقائها بشخصها ، والإنسان منذ طفولته إلى حين بعثه وقيامته يتحرک من کون إلى کون ، من طبيعي إلى نفساني يصلح للبعث والقيام إلى العقلي ، وهو بحسبه إنسان عقلي له أعضاء عقلية ، وهذه التحولات من مختصات الإنسان ، فإن الأشياء وإن کانت متوجهة إلى الحضرة الإلهية ، لکن الذي يمر على الصراط المستقيم منتهياً إلى النهاية الأخيرة ، لا يوجد في سائر الأنواع عدا الإنسان ، وهذه النشئات الثلاث ترتيبها في الرجوع الصعودى إلى الله تعالى على عکس ترتيبها الابتدائي النزولي عنه تعالى لکن على نحو آخر ، فالسلسلة الأولى کانت على نحو الإبداع بلا زمان ولا حرکة وسلسلة للرجوع تکون بحرکة وزمان ، فللإنسان أکوان سابقة على حدوثه الشخصي المادي کما أثبته ذلک أفلاطون الإلهي للنفوس الإنسانية کوناً عقلياً قبل حدوث البدن ، وکذلک ثبت في شريعتنا الحقة لأفراد البشر کينونة جزئية متميزة سابقة على وجودها الطبيعي ). (١)
النتيجة الحاصلة من مجموع هذه الأصول
إنّ حقيقة کل شيء تکمن بصورته ، وتشخُّص هذه الصورة يکون بوجوده الخاص به ، بل إن وجود الشيء عبارة أخرى عن صورته وذاته التي ينتزع منها ماهيته وحده
ــــــــــــــــ
١. الأسفار ، ج ٩ ، الأصل العاشر ، ص ١٩٢.