٦. استدلال ملا صدرا على إثبات المعاد الجسماني
لقد اعتمد صدر المتألهين في دليله على مجموعة من الأصول الموضوعة ، التي تمت البرهنة عليها في مواضع متعددة من کتبة التي دونها في المجالات المختلفة کالفلسفة والعرفان والتفسير وغيرها ، (١) وقد ذکرنا في أطروحتنا هذه في الفصل الأول جملة من هذه التفصيلات بالشکل الذي لا يخرجنا عن هدفنا من هذه الرسالة ، وسنذکر هذه الأصول التي هي مورد اعتماد الحکيم والفيلسوف الکبير صدرالمتألهين في بيان وإثبات مدعاه في المسألة التي نحن بصدد البحث عنها ، ولکن مما هو جدير بالذکر أن هذه الأصول قد تفاوت عددها بين الکتاب والآخر ، فقد کان عددها في کتاب الأسفار أحد عشر أصلاً ، بينما کان عددها في کتاب المبدأ والمعاد سبعة أصول ، وکذلک عددها في کتابه العرشية سبعة ، وقد يرجع تفاوت هذه الأعداد إلى حالة الإجمال والإدغام بين الأصول والتفصيل والتفکيک بينها ، ونحن من خلال هذه المسألة نطرح هذه الأصول بنحو من الاختصار اعتماداً على ما مرّ في فصلنا الأول ، فليراجع ، وإليک بيانها :
أ) أن حقيقة کل شيء وماهيته بصورته ومبدأ فصله الأخير
لقد بين علماء المنطق والفلسفة أن لکل موجود ممکن ماهية تمثل حقيقته وحده من الوجود ، تتقوّم بجنس وفصل ، وأنّه مرکب من وجود وماهية بحسب التحليل العقلي لقاعدة : ( کل موجود ممکن زوج ترکيبي من وجود وماهية ) ، (٢) ولکن کلامنا في الماهيات النوعية المرکبة من جنس وفصل ، فإنها وإن کانت تنطوي على أجناس متوسطة وبعيدة ، وکذا فصول ، ولکن الذي يحدد نوعيتها ويبين حقيقتها ،
ــــــــــــــــ
١. صدرالدين ، الأسفار ، ج ٩ ، ص ١٨٦ ـ ١٩٧ ؛ صدرالمتألهين ، العرشية ، ص ٢٤٥ ـ ٢٤٩ ؛ المبدأ والمعاد ، ص ٣٨٢ ـ ٣٩٥.
٢. محمد حسين الطباطبائي ، بداية الحکمة ، المرحلة ٦ ، الفصل ١ ، ص ٨٧ ؛ محمد حسين الطباطبائي ، نهاية الحکمة ، المرحلة السادسة ، الفصل الأول ، ص ٨٨.