يحس به من البدن وتبقى بعد الموت دراکة ، وعليه جمهور الصحابة ... ). (١)
وقد جاء في تفسير الميزان لهذه الآية الشريفة ، قوله : ( ويتبين بالتدبر في الآية وسائر الآيات التي ذکرناها حقيقة أخرى أوسع من ذلک ، وهي تجرد النفس بمعنى کونها أمراً وراء البدن ، وحکمها غير حکم البدن وسائر الترکيبات الجسمية لها ، نحو اتحاد بالبدن تدبرها بالشعور والإرادة وسائر الصفات الادراکية ، والتدبر في الآيات السابقة الذکر يجلي هذا المعنى ، فإنها تفيد أن الإنسان بشخصه ليس بالبدن ، لا يموت بموت البدن ولا يفني بفنائه وانحلال ترکيبه وتبدد أجزائه ، وأنه يبقي بعد فناء البدن في عيش هنيء دائم ، ونعيم مقيم ، أو شقاء لازم وعذاب أليم ). (٢)
ثم بيّن السيد العلامة في موضع آخر من تفسيره الميزان ، حقيقة أن التشکيک بتجرد النفس ناشئ من عدم التأمل والإمعان في البراهين العقلية المذکورة ، فقال : ( وهنا إشکالات أوردها على تجرد النفس مذکورة في الکتب الفلسفية والکلامية ، غير أن جميعها ناشئة من عدم التأمل والإمعان فيما مرّ من البرهان وعدم التثبت في تعقل الغرض منه ؛ ولذلک أضربنا عن إيرادها ، والکلام عليها ، فمن أراد الوقوف عليها فعليه بالرجوع إلى مظانها ، والله الهادي ). (٣)
٣. متکلمي الإسلام
إن الذي يراجع الکتب الکلامية لجميع المدارس والمذاهب الإسلامية ، فإنّه لا يجد اتفاقاً بينهم في مسألة تجرد النفس الإنسانية وعدمها ، فقد ذهب البعض إلى تجردها وبقائها بعد الموت ، والبعض الآخر ذهب إلى عدم ذلک وقال بجسمانيتها ، ولکن لا بتلک الکثافة التي عليها الجسم العنصري ، بل جسمها لطيف بالشکل الذي يساعد على بقائها بعد الموت ، شأنها شأن التدبير والتصرف بالبدن ، وفيما يلي نقل بعض تلک الأقوال :
ــــــــــــــــ
١. لاحظ : شرح أصول الکافي ، ج ٦ ، ص ٧١.
٢. الميزان في تفسير القرآن ، ج ١ ، ص ٣٥٠.
٣. المصدر السابق ، ص ٣٧٠.