أ) بعض القائلين بجسمانيتها : اشتهر النقل عن النظام أنه يقول بمادية الروح وعدم تجردها ، فقد جاء في جملة ما نقل عنه ، أنه يقول : ( أنه جزء لطيف داخل البدن سار في أعضائه ، فإذا قطع منه عضو تقلص ذلک اللطيف ، فإذا قطع اللطيف معه مات الإنسان ... ). (١)
ومن جملة ما نُقِلَ عنه هشام بن الحکم ، بأنّه يقول: ( وهو جسم لطيف يختص بالقلب ، وسماه نوراً ، وأن الجسد موات ، وأن الروح هو الحي الفعال المدرک ) ، (٢) وقد نُقِلَ عن ابن الإخشيد ، بأنّه ذهب إلى : ( أنّه جسم منبث في الجملة الظاهرة ). (٣)
أمّا ما ذهب إليه الأمام الجويني ، أنه قال : ( إن الأرواح أجسام لطيفة مشابکة للأجسام المحسوسة ، أجرى الله العادة باستمرار حياة الأجسام ما استمر مشابکتها لها ، فإذا فارقت يعقب الموت الحياة في استمرار العادة ، ثم الروح يعرج به ، ويرفع في حواصل طيور خضر إلى الجنة ، ويهبط به إلى سحيق من الکفرة ، کما وردت به الآثار ، والحياة عرض تحيا به الجواهر والروح يحيا بالحياة أيضاً ، إن قامت به الحياة ، فهذا قولنا في الروح ). (٤)
أقول : وقد رُدَّ هذا الکلام بالأدلة العقلية والنقلية ، فقد روى عن الصادقين في ردِّ هذه الرواية العامية التي تناقلتها کتب العامة ، أنهم قالوا في ردها : ( إذا فارقت أرواح المؤمنين أجسادهم اسکنها الله في أجسادهم التي فارقوها فينعم في جنته ، أنکروا ما ادعته العامة من أنها تسکن في حواصل الطيور الخضر ، قائلين : المؤمن أکرم على الله من ذلک ). (٥)
ب ) بعض القائلين بتجردها : ورد عن الشيخ المفيد في کتابيه أوائل المقالات ،
ــــــــــــــــ
١. نقلاً عن الشيخ عبدالله نعمة ، هشام بن الحکم ، ص ١٨٦.
٢. بحار الأنوار ، ج ٥٨ ، ص ٩٤.
٣. المصدر السابق.
٤. إمام الحرمين أبي المعالي عبد الملک الجويني ، الإرشاد ، ص ٣١٨.
٥. لاحظ : بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٢٩.