المقدمة الأولى :أن الله تعالى حکيم.
المقدمة الثانية : وکل حکيم لا يصدر منه فعل باطل ، بلا فائدة وبلا هدف.
النتيجة : إنّ الله تعالى لا يصدر منه فعل باطل وبلا فائدة وبلا هدف.
نقول : لو لم يکن للعالم هدف وفائدة ومقصد لکان باطلاً ولغواً ولهواً ولعباً.
والتالي باطل ، فالمقدم مثله ، وإذا بطل الأصل ثبت عکسه.
وجه البطلان : أنّ العالم فعل الله ، والله لا يصدر منه الباطل ؛ لأنّه خلاف کونه حکيماً ، وقد ثبت ذلک في البرهان.
وجه الملازمة : باعتبار إنّ الأمر دائر بين النفي والإثبات على أساس الحصر العقلي ، يعني أما أن يکون له قصد وهدف منه ، وهو فعل الحکيم ، أو لا يکون ذلک ، وهو فعل غير الحکيم.
النتيجة : إذن للعالم هدف وفائدة ومقصد ، فلابد إذاً أن يصل إليه ، والحال أنه في عالم الدنيا لم يصل إليه ، فلابد أن يکون هناک عالم آخر ونشأة أخرى يمکن أن يحصل فيه على هدفه ومقصده المطلوب له ، والمخلوق لأجله ، وهو عالم الآخرة ، واليوم الذي يمکن أن يصل فيه ويحصل على مقصده هو يوم القيامة ويوم البعث والحشر إلى الله سبحانه وتعالى ، کما قال عنه تعالى : ( ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الحَقُّ ) ، (١) ( إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ ) ، (٢) ( إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ ). (٣)
وجه تقدمه : باعتبار إنّ هذا الدليل من أحکم الأدلة على إثبات ضرورة المعاد ويوم القيامة ، فلذا نحن صدّرنا به البحث عن مسألة ضرورة المعاد في القرآن الکريم.
الدليل الثاني : دليل العدالة الإلهية
وکما هي عادتنا أن نصدّر البحث عن کل دليل بمجموعة آياته المشيرة إليه ، ثم بعد ذلک تصل النوبة إلى تقرير کل واحد من هذه الأدلة على أساس المنهج العقلي
ــــــــــــــــ
١. النبأ ، ٣٩.
٢. الشوري ، ٥٣.
٣. القيامة ، ١٢.