والمتحرکات ، وربما يصير نباتاً أو حيواناً أو إنساناً ، وإذا فسد البدن وانحل ترکيبه ، لا يبقى فيه مزاج صالح للتعلق ، ولا يبقى على بدنيته ، ويرجع کل جزء إلى أصله وجوهره ، ومبدأ تعلق النفس على البدن إنما يکون بعد حصول المزاج الاستعداد القابل للنفس ، وإذا خرجت النفس عن البدن ينحل ويبطل البدن ، بل الحق أن منشأ الموت ليس إلا إعراض النفس عن البدن ، (١) والإعراض إلى أن يحصل بعد فساد المزاج وانحلال القوى ، والسر في أن المادة الجسمانية متحرکة دائماً ولا يبقى في هذه النشأة شيء ثابت في آنين ، والبدن مثل ساير المواد الجسمانية بعد إعراض النفس يتصور بصورة أخرى ... والبدن إذا صارت أجزاؤه متفرقة وصار کل جزء منه جزءاً لنوع من الأنواع لا يبقى وجوده ، فضلاً عن تميزه وکل مادة تقتضي صورة مناسبة لذاتها ... ). (٢)
ثم أنّه اختار أن يکون الجواب الصحيح بنظره ، ما جاء في کتابه الشواهد الربوبية ، إذ قال فيه : ( إن البدن الأخروي موجود في القيامة بتبعية النفس لا أنها مادة مستعدة يفيض عليها صورتها ، وقد مرّ الفرق بين الوجهين ، ولا تناسخ إلا في الوجه الأخير). (٣)
هـ) استلزام المعاد الجسماني القول بالعبثية
بيان الإشکال : ( إن الإعادة لا لغرض عبث وجزاف لا يليق بالحکيم ، والغرض إن کان عائداً إليه کان نقصاً له فيجب تنزيهه عنه ، وإن کان عائداً إلى العبد لزم العجز وخلاف الحکمة والعدالة ، فإن ذلک الغرض إيصاله ألم ، فهو غير لائق بالحکيم العادل ، فکيف عن خالق الحکمة والعدل ؟ وإن کان إيصاله لذة ، فاللذات سيما الحسيات دفع الآلام ، فإن أکل الطعام ، وإن کان حسناً لذيذاً ، لا يلتذ به من کان
ــــــــــــــــ
١. بناء على ما بينه صدرالدين في باب البدن ، نفهم منه هنا أن مراده من ( إعراض النفس عن البدن ) هو خصوص البدن العنصري الترابي ، لا مطلق البدن ، فتأمل !
٢. المصدر السابق ، ص ١٨٦ ، ١٨٧.
٣. صدرالمتألهين ، الشواهد الربوبية ، المشهد الرابع ، ص ٢٧١ ؛ المصدر السابق ، ص ١٨٦ ، ١٨٧.