آيات قائلاً لهم : ( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ). (١)
وهناک جملة من الاعتراضات والشبهات يثيرها بعض المسلمين ، مع تسليمهم بکل ما جاء به الرسول الأکرم ٩ ، وحجتهم فيها أن العقل الإنساني ـ الحجة الثانية بعد الحجة الأولى الظاهرة التي هي النبوة ـ لا يقبلها ، أو أننا حتى لو سلمنا بها تعبداً للشرع المقدس ، ولکننا لا نستطيع فهمها وتوجيهها الوجهة الصحيحة بواسطة العقل ، وخصوصاً عندما يکون الدليل العلمي قائماً على إثبات خلافها ، ونحن من خلال بحثنا هذا سوف نتعرض لأهم هذه الاعتراضات والشبهات ، ثم نطرح جواب الخواجة الطوسي عنها ؛ لأن مدار البحث هنا مختص به ، ثم إذا کان بالإمکان قبوله نقبله وإلاّ فإنا اتخذنا على أنفسنا في هذه الأطروحة مناقشة بحد الإمکان ، وبالشکل الذي يتناسب معها.
الشبهة الأولى : شبهة الآکل والمأکول
ويمکن تقريرها بصور مختلفة :
الصورة الأولى : لو أکل إنسان إنساناً آخرَ ، أو لو تغذى إنسان بأجزاء إنسانٍ آخرٍ ، أو لو تغذى إنسان بلحم حيوانٍ قد سبق أن أکل أجزاء إنسانٍ آخر حتى صارت أجزاؤه جزءاً من بدنه ، فجاء الثاني وأکل الحيوان المفروض ، فإن أعيدت أجزاء الغذاء إلى الأول عدم الثاني ، وإن أعيدت إلى الثاني عدم الأول.
الصورة الثانية : وهذه حسية وعلمية مدرکة باحس والوجدان ، وهي ما يمارسها العلم الطبي الجراحي اليوم ، عن طريق نقل أعضاء مهمة من بدن إنسان إلى بدن إنسان آخر ، کالقلب والکلية والأيدي والأرجل وغيرها من الأعضاء المهمة الأخرى ، وقد تکون هذه الأعضاء المنقولة من بدن کافر إلى مسلم أو بالعکس ، أو من مذهب واحد ولکن مختلفان من حيث الطاعة والمعصية ، وعليه فإن أعيدت مع
ــــــــــــــــ
١. البقرة ، ١١١ ؛ الأنبياء ، ٢٤ ؛ النمل ، ٦٤ ؛ القصص ، ٥٧.