التدريج تأتيهم ( السَّاعَةُ بَغْتَةً ) ، (١) وقد دعا رسول الله ٩ قافلة البشرية إلى مبدأها وإلى مآبها ، ( إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ) ، (٢) ( قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ ) ، (٣) وفي الواقع هي دعوى إلى توحيده والإيمان به ، ودعوى إلى معاده.
وعليه فإنّ برهان الحرکة بناءً على الأخذ بتعريف المشاء ومن حذا حذوهم للحرکة ، فإنّه يکون قاصراً عن إثبات المعاد للموجودات المجردة ، وأمّا على أساس تعريف صدرالمتألهين لها ، أو على أساس مبنى العرفاء فيها ، فإن الدليلَ وافٍ بالمطلوب ، فالبرهان غير قاصرٍ عن إثبات معاد الموجودات المادية والمجردة معاً.
٢. إمکان المعاد الجسماني
مقدمة
قبل الشروع في البحث ينبغي أن نلتفت نظر القارئ إلى نقطة هامة تتعلق به ، وهي أنّ القرآن الکريم في الوقت الذي فيه تبيان کلّ شيء لم يکن کتاب علم وفن خاص من فنون العلوم المختلفة ، فلم يکن مصوغاً بصياغة علمية تتوافق مع صياغات هذه العلوم والفنون ، فلم تکن آياته الشريفة قوانين رياضة أو فيزيائية أو فلسفية أو ... الخ ، في الوقت الذي لا تخلو آياته عن الحديث والبيان الرياضي والمسائل الفيزيائية والکونية والفلسفية والوقائع التاريخية وغيرها ؛ لأن ذلک يخرجه عن هدفه وغرضه المطلوب منه ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، إنّ البحث القرآني قائم على أساس الدليل والبرهان المنطقي ، ولذا نجده يخاطب المعاندين بإقامة الدليل والبرهان على مدعاهم إن کانوا صادقين ، کما جاء ذلک في قوله تعالى : ( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ، (٤) وأيضاً في قوله تعالى : ( ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَٰذَا
ــــــــــــــــ
١. يوسف ، ١٠٧.
٢. الرعد ، ٣٦.
٣. يوسف ، ١٠٨.
٤. النمل ، ٦٤.