الدليل الثالث : عدم الفائدة في التکرار
إنّ أرواح الناس في حال تعلقها بالأبدان الجسمانية وتذوقها للحوادث الحلوة والمرة ، التي تتذوقها الروح الإنساني عن طريق البدن الذي تؤدي أعمالها من خلاله لأجل الاستکمال المطلوب لها ، فإذا کان بمجرد مفارقتها للبدن الأول تتعلق ببدن آخر ، وهکذا تستمر دائماً من أجل أن تتذوق تلک المتاعب والآلام واللذات ، وقد تذوقتها من قبل ، وهنا نتساءل عن فائدة هذا العود ، وهل يتناسب مع الحکمة الإلهية التي اقتضت أن توصل کل شيء إلى کماله الذي خلق من أجله ؟ ولا أرى أنه هناک عاقل يرى في ذلک التکرار المستمر فائدة معينة ، بل قد يکون نقضاً للغرض والحکمة الإلهية من الخلقة ، والحلال أن الالتزام بالتناسخ هو لزوم القول بالتکرار غير المفيد ، في حين أن هذا النوع من التکرار لا حاصل فيه ، بل يعد من اللغو واللعب والبعث ، وهو لا يتناسب مع الحکمة الإلهية ، فهو باطل بالضرورة الدينية والعقلية. (١)
الدليل الرابع : اجتماع نفسين في بدن واحد
وهذا الدليل مبني على أمرين :
الأمر الأول : إن کان جسم نباتاً کان ، أو حيواناً ، أو إنساناً ، إذا بلغ من الکمال إلى درجة يصير فيها صالحاً لتعلق نفس به ، وبعبارة أخرى : متى حصل في البدن مزاج صالح لقبول تعلق النفس المدبرة به ، فبالضرورة تفاض عليه من الواهب من غير مهلة ولا تراخ ، وذلک مقتضى الحکمة الإلهية التي شاءت إبلاغ کل ممکن إلى کماله الممکن. (٢)
الأمر الثاني : إن القول بالتناسخ يستلزم تعلق النفس المستنسخة المفارقة للبدن ، ببدن نوع من الأنواع من نبات ، أو حيوان ، أو إنسان ، بحيث يتقوّم ذلک البدن بالنفس المستنسخة المتعلقة به. (٣)
ــــــــــــــــ
١. لاحظ : محمد باقر سبزواري ، معاد در نگاه عقل ودين ، ص ١٢٥ ـ ١٢٧.
٢. جعفر السبحاني ، الالهيات ، ج ٤ ، ص ٣٠٦.
٣. المصدر السابق.