عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) ، (١) وقال تعالى : ( كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ). (٢)
٦. الفرق بين البحث الکلامي والبحث الفلسفي
إنّ مدار البحث في هذه الرسالة التي بين أيدينا يدور حول مسألة المعاد الجسماني عند بعض المتکلمين وعند بعض الحکماء والفلاسفة ، کما سيأتي الکلام مفصلاً عن وجهة نظر کل واحد منهما ، وعليه ينبغي أن نبين بصورة مجملة أهم هذه الفروق التي يمکن مشاهدتها بين البحثين الکلامي والفلسفي ، وسيأتي فيما بعد بيان الأسلوب المتبع من قبل کل واحد منهما في بداية بحثه عن مسألة المعاد الجسماني في الفصل الذي خُصص له ، وفيما يلي ذکر هذه الفروق :
أولاً : من حيث الهدف
ولا يخفى علينا هذا الأمر ؛ إذ أن الهدف من البحث الکلامي هو إثبات مسائل موضوعِهِ ، بشکل يؤدي إلى الإقناع والتبکيت للمقابل ، بينما الهدف من البحث الفلسفي هو الکشف عن الحقيقة والواقع ، وتمييز ما هو حق عما هو باطل ، على أساس محکم ومتقن.
ثانيا : من حيث الطريقة والأسلوب المتبع
إنّ الأسلوب المتبع في الأبحاث الکلامية لإثبات مسألة ما ، هو الأسلوب والطريقة الجدلية في بعض الأحيان ، نعم قد يستفيد الباحث الکلامي من البراهين والأقيسة البرهانية ، ولکن المشهور عنهما هو هذا اللون من الأساليب ، وهذا لا يعني النفي لاستخدامهم الأساليب والأقيسة المنطقية ، والأسلوب الجدلي کما هو معروف يعتمد فيه على مجموعة من المسلمات عن الخصم ، بينما الأسلوب الفلسفي هو الأسلوب البرهاني والاستدلال العقلي القائم على أساس المقدمات اليقينية.
ــــــــــــــــ
١. آل عمران ، ٣٠.
٢. الإسراء ، ١٤.