٣. إنّ الوجود عبارة عن حقائق بسيطة متباينة بتمام الذات ، وهو ما يصطلح عليه بالتشکيک العامي.
نظريته في تکامل النفس قائمة على أساس اللبس بعد الخلع التي يعبر عنها بنظرية الکون والفساد ، وطبيعي من يرى ذلک لا يستطيع أن يقبل الحرکة الجوهرية ، بينما من يفسر الحرکة التکاملية للنفس على أساس نظرية اللبس بعد اللبس فبسهولة تثبت عنده الحرکة الجوهرية.
وقد عرّف صدرالمتألهين الحرکة بتعريف يختلف عن تعريف الفلسفة المشائية ومن يحذو حذوهم ، فقد قال في تعريفها : ( الحرکة عبارة عن موافاة حدود بالقوة على الاتصال ) ، (١) فيکون الوصف ـ بالقوة ـ وصفاً للحدود وليس للشيء المتحرک حتى تتعلق الحرکة بالموجودات المادية دون غيرها ، وعلى هذا الأساس ـ قبول الحرکة الجوهرية ـ التي تعرض للبرهنة عليها بالأدلة القطعية والاشراقات النورية والمشاهدات العرفانية ، المؤيدة بالشرع المقدّس ، تم إثبات المعاد الجسماني للموجودات الإنسانية وغيرها ، حيث إن المتحرکات تسير في طريق استکمالها إلى مبادئها الفاعلية التي هي صور کمالية غائية لها ، ويشهد لذلک قوله تعالى : ( صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ ) ، (٢) ولقوله : ( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) ، (٣) فالحرکة الاستکمالية للنفس في الواقع هي عبارة أخرى عن عود النفس إلى مبدئها ، فتکون البدايات هي النهايات ، فالمعاد هو رجوع النفس إلى الحياة الذاتية ، وعندئذ تتحد المتحرکات الجوهرية بصورها الکمالية ، سواء کانت صوراً إدراکية أم غير إدراکية ، على أساس قاعدة اتحاد العاقل والمعقول ، وحينئذ تتجلى تلک البواطن ، کما قال تعالى : ( فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) ، (٤) ولقوله : ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا
ــــــــــــــــ
١. صدرالدين الشيرازي ، الأسفار الأربعة ، ج ٣ ، ص ٣١.
٢. الشوري ، ٥٣.
٣. البقرة ، ١٥٦.
٤. ق ، ٢٢.