وجسماً أم لا ، إذ أننا لا نشک في قدرة الفاعل الذي أخرجه من ظلمة العدم إلى نور الوجود ؟ وإذا کانت فيه القابلية لکذا أمر ، هل يمکننا أن نستدل عليها عقلاً ، وکيف ؟ وهذا ما تعجز عن إجابته کتب الغزالي ، إذ أننا لم نجده يقدم لنا دليلاً عقلياً واحداً على إثبات هذه الحقيقة ، غاية الأمز يکتفي بثبوتها عن طريق الشرع الصادق الذي لا شک فيه.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يرد على تصوير الغزالي لطبيعة إعادة الروح إلى البدن ، الذي قال فيه : فليکن من أي مادة کانت ، إشکال التناسخ الباطل بالدليل العقلي ، الموجب لتعلق نفسين ببدن واحد ، نعم إنّ ثبوت هذا الاشكال متوقف على بطلان التناسخ الملکي في النشأة الأخرى ، کما سيأتي بيان ماهية التناسخ ، وعرض مختصر لأقسام التناسخ ، وبيان ما هو باطل نها وما هو غير باطل بالأدلة العقلية الثابتة وعندئذ يمکننا أن نشخص ما جاء به الغزالي من تصوير في کيفية إعادة البدن الإنساني في تلک النشأة ، وهو قوله : ( ... إنّ الروح تعاد إلى بدن آخر غير الأول ، ولا يشارک له في أيٍّ من الأجزاء ... إلى أنّ قال : فإن قيل : هذا التناسخ ، قلنا : سلمنا ولا مشاحة في الأسماء ، والشرع جوّز هذا التناسخ ومنع غيره ) ، (١) هل هو باطل أم غير باطل ؟
٥. في تعريف وأقسام التناسخ
التناسخ لغة
التناسخ في اللغة مأخوذ من النسخ بمعنى النقل ، (٢) أو بمعنى إزالة الشيء بشيء يتعقبه ، کنسخ الظل ، الشيب الشباب. (٣)
فالأصل اللغوي في التناسخ هو النقل والانتقال والتحول.
ــــــــــــــــ
١. أبو حامد الغزالي ، تهافت الفلاسفة ، ص ٧٨.
٢. أقرب الموارد ، ج ٢ ، مادة نسخ.
٣. الراغب الأصفهاني ، المفردات في غريب القرآن ، مادة نسخ.