ليس في قدرة البشر ، ونحن لا نعرف من الأشياء إلا الخواص واللوازم والأعراض ، ولا نعرف الفصول المقوّمة لکل واحد منها ، الدالة على حقيقته ، بل نعرف أنها أشياء لها خواص وأعراض ، فإننا لا نعرف حقيقة الأول ، ولا النفس ، ولا الفلک والنار والهواء والماء والأرض ، ولا نعرف أيضاً حقائق الأعراض ، ومثل ذلک أنا لا نعرف حقيقة الجوهر ، بل إنّما عرفنا شيئاً له هذه الخاصية ، وهو أنّه الموجود لا في موضوع ، وهذا ليس حقيقته ، ولا نعرف حقيقة الجسم ، بل نعرف شيئاً له هذه الخواص ، وهي الطول والعرض والعمق ، ولا ... ). (١)
وقال أيضاً : ( الفصول المنوعة لا سبيل ـ البتة ـ إلى معرفتها وإدراکها ، وإنّما يدرک لازم من لوازمها ، فلا سبيل إلى معرفة ما تنفصل به النفس النباتية عن النفس الحيوانية وعن الناطقة ... الفصل المقوّم للنوع لا يعرف ولا يدرک علمه ومعرفته ، والأشياء التي يؤتي بها على أنها فصول ، فإنها تدل على الفصول وهي لوازمها ، وذلک کالناطق ، فإنّه شيء يدل على الفصل المقوّم للإنسان ، وهو معنى أوجب له أن يکون ناطقاً ، والتحديد بمثل هذه الأشياء يکون رسوماً ، لا حدوداً حقيقة ، وکذلک ما يتميّز به الأشخاص ، وما تتميّز به الأمزجة ). (٢)
٣. موقف علمائنا من نظرية الشيخ الرئيس في المعاد
ذکرنا في المسائل السابقة أن مسألة المعاد کانت مجملة في الزمن السابق ، عندما کان المعاد يؤخذ مقيداً بالجسماني والروحاني معاً ، على نحو اللزوم ، فالمعاد هو الجسماني ، والجسماني هو المعاد ، کما صرحت به الشريعة الإسلامية المقدسة من دون الحاجة إلى التأويل وصرف النظر عن ظاهر نصوصها الشرعية ، بينما نجد المتأخرين يفرقون بين الاعتقاد بأصل المسألة وبين ما ينتهى إليه البحث والتحقيق
ــــــــــــــــ
١. العلامة الحلي ، کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، تحقيق الزنجاني ، قسم الإلهيات ، ص ٢١٣ ـ ٢٣٢.
٢. نقلاًً عن : الشيخ محمد المحمدي ، کتاب المعاد في الکتاب والسنة ، ص ١٤٦.