في کيفية معاد الإنسان في اليوم الآخر ، من کونه جسمانياً أو روحانياً أو روحانياً وجسمانياً معاً ، واعتبروا الأول يوجب الحکم بکفر منکريه ، بينما الثاني لا يوجب الحکم بکفره ، باعتبار أن الأول لازم لإنکار ضرورة من ضروريات الدين ، والثاني ليس کذلک ، وإن لم تکن موافقة لصريح القرآن ، ولکن لا دليل للحکم على منکره بوجوب کفره ، وإليک بيان بعض الأقوال في المسألة :
قال العلامة الحلي في کشف المراد في شرح التجريد : ( الواجب في المعاد هو إعادة الأجزاء الأصلية التي لا يتطرق إليها الزيادة والنقصان ، أو النفس المجردة مع الأصلية ، أما الأجسام المتصلة بتلک الأجزاء فلا يجب إعادتها بعينها ). (١)
وقال شيخنا الشهيد الثاني في المقاصد العليّة : ( القدر الذي يجب التصديق به مما جاء به النبي ما علم مجيئه به تواتراً من أحوال المبدأ والمعاد ، کالتکليف بالعبادات ، والسؤال في القبر وعذابه ، والمعاد الجسماني والحساب والصراط والميزان ، والجنّة والنار ، ولا يجب العلم بکيفية ذلک وتفاصيله ، فإنه مما يخفى على الخواص ). (٢)
وقال شيخ الفقهاء العظام الأستاذ الأکبر الشيخ کاشف الغطاء في المبحث الثالث من الفن الأول من کتاب کشف الغطاء : ( يجب العلم بأنه تعالى يعيد الأبدان بعد الخراب ، ويرجع هيأتها الأولى بعد أن صارت إلى التراب ، ويحل بها الأرواح على نحو ما کانت ، ويضمها إليها بعد ما انفصلت وبانت ، فکأن الناس نيام انتبهوا ، فإذا هم قيام ينظرون إلى عالم جديد إلى أن قال : والمقدار الواجب معرفة أصل المعاد ومعرفة الحساب وترتيب الثواب والعقاب ، ولا يجب المعرفة على التحقيق التي لا يصلها إلا صاحب النظر الدقيق کالعلم بأن الأبدان هل تعود بذواتها أو إنّما يعود ما يماثلها بهيئاتها ، وأن الأرواح هل تعدم کالأجساد أو تبقى مستمرة حتى تتصل بالأبدان عند المعاد ، وأن المعاد هل يختص بالإنسان أو يجري على کافة ضروب
ــــــــــــــــ
١. کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، تحقيق الزنجاني ، قسم الإلهيات ، ص ٢١٣ ـ ٢٣٢.
٢. نقلاً عن : کتاب المعاد في الکتاب والسنة ، ص ١٤٦.