يقولون فيه أنه واجب الوجود بالغير ، مع تسليمهم بأن ذاته قبل وبعد الوجود تبقى فقيرة ومحتاجة للغير ، ولا يمکن أن تصبح في يوم من الأيام غنية وواجبة بالذات ، وأما المعدوم المطلق ، لا يمکن أن يوجد أبداً ، لأن ذاته تقتضي العدم ، فاستحالة ضرورة الوجود ثابتة له بالذات ، فلا تصل النوبة إلى البحث عن إمکان وجوده وعدمه ، ولا الممکن الموجود ، هل يمکن أن يعدم أو لا يمکن ذلک ؟ حتى نحتاج إلى البحث عن إمکان إعادته أو عدمه ، فمسألة توقف إمکان المعاد على جواز إعادة المعدوم في نظر الفيلسوف سالبة بانتفاء الموضوع ، أي أنه لا موضوع جامع للمسألتين ، ولذا عدها ـ استحالة إعادة المعدوم ـ البعض من الفلاسفة من الضروريات العقلية ، (١) وما ذکر فيها من أدلة فهي من باب المنبهات لا من باب الأدلة العقلية عليها ، (٢) فتأمل !.
ولکن کيفما کان مادام البعض من المتکلمين يرونها ممکنة ، وعمدة أدلتهم على إثبات ذلک ، ما سنذکر بعضه إليک وهو :
أقول : وقد استدل بعض المتکلمين على إمکانها بالأدلة العقلية والسمعية وهي کما يلي (٣):
أولاً : الأدلة العقلية
ويمکن أن يقال إن عمدة ما ذکره المتکلمون على جوازها دليلان ، وخلاصتهما کما يلي :
الدليل الأول :
المقدمة الأولى : أنه لا دليل على امتناع إعادة المعدوم.
ــــــــــــــــ
١. ابن سينا الشيخ الرئيس ، الإلهيات الشفاء ، الفصل الخامس ، المقالة الأولى ، ص ٣٦ ، وقد استحسنه الرازي في المباحث المشرقية ، ج ١ ، ص ٤٨.
٢. الأسفار ، ج ١ ، ص ٣٥٣ ؛ شرح المنظومة ، ص ٤٨ ؛ بهمنيار ، التحصيل ، ص ٢٩٠ ؛ کشف المراد ، ص ٧٥ ؛ الفخر الرازي ، المباحث المشرقية ، ج ١ ، ص ٤٧ ؛ وغيرها.
٣. محمد عبدالرؤوف المناوي ، فيض القدير شرح الجامع الصغير ، ج ٦ ، ص ٣٦٣ ؛ السيد مصطفى الخميني ، تفسير القرآن ، ج ٥ ، ص ١٦٦ ؛ عن شرح المقاصد ، ج ٥ ، ص ٨٢ ـ ٨٨ ؛ وعن شرح المواقف ، ج ٨ ، ص ٢٨٩ ؛ وعن شوارق الإلهام ، ج ١ ص ١٢٧.