الکتاب والسنة الشريفة تأييداً لما برهنه ، ومنها قوله تعالى : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ، (١) وقوله : ( وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ) ، (٢) وقوله : ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ ) ، (٣) وقوله : ( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ) ، (٤) وغيرها ، وأما ما ذکره من الأحاديث النبوية فمثل قوله ) : « من عرف نفسه فقد عرف ربه » ، (٥) « أعرفکم بنفسه أعرفکم بربه » ، (٦) « أنا النذير العريان » ، (٧) « أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني » ، (٨) « خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام » ، (٩) وغيرها ، وإن کان بعض هذه الحجج البرهانية والنقلية في المطلوب منها لا تخلو من المناقشة ، ولکن في الجملة تثبت المطلوب ، وهو تجرد النفس الإنسانية.
وعليه يتضح مما تقدم أن صدرالدين الشيرازي يعتبر النفس الإنسانية بما لها من القوى التي ثبت تجردها بالأدلة البرهانية ، هي التي تمثل ماهية وصورة وحقيقة الإنسان المقصود بالخطاب الإلهي.
٤. خصائص البدن الدنيوي والبدن الأُخروى
رأينا أن نبيّن خصائص البدنين الدنيوي والأخروى قبل البدء في بيان ما جاء به صدرالدين الشيرازي من دليل عقلي على إثبات المعاد الجسماني ؛ وحتى تتضح لنا
ــــــــــــــــ
١. الحجر ، ٢٩.
٢. النساء ، ١٧١.
٣. المؤمنون ، ١٤.
٤. يس ، ٣٦.
٥. المولى صالح المازندراني ، شرح أصول الکافي ، ج ٣ ، ص ٢٣ : حاشية الدسوقي ، شمس الدين محمد الدسوقي ، ج ١ ، ص ٩ ؛ علي بن يونس العاملي ، الصراط المستقيم ، ج ١ ، ص ١٥٦.
٦. الحر العاملي ، الجواهر السنية في الأحاديث القدسية ، ص ١١٦ ؛ آقا بزرگ الطهراني ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج ١٩ ، ص ٣٥٢.
٧. بحار الأنوار ، ج ٨١ ، ص ١٢٩.
٨. ابن شهر آشوب ، مناقب آل أبي طالب ، ج ١ ، ص ١٨٤ ؛ محي الدين بن النووي ، المجموع في شرح المهذب ، ج ٦ ، ص ٣٥٨.
٩. العجلوني إسماعيل بن محمد ، کشف الخفاء ، ج ١ ، ط ٢ ، ص ١١٣.