الصورة بشکل جلي لا يشوبه بعد ذلک شک ولا ريب ؛ لأن أغلب الاعتراضات التي ترد من قبل بعض المستشکلين تعود إلى عدم اتضاح الصورة بهذا الشکل ، ولذا يعد هذا البحث بمثابة مقدمة لدراسة ما جاء به صدرالمتألهين من دليل على ذلک ، وإليک ما ذکره ملاصدرا في الفرق بينهما :
الأول : إن کل جسد في الآخرة ذو روح ، بل حي بالذات ولا يتصور هناک بدن لا حياة له ، بخلاف الدنيا فإن فيها أجساداً غير ذات حياة وشعور ، والذي فيه حياة ، فإن حياته عارضة له زائدة عليه. (١)
الثاني : إن أجساد هذا العالم « الدنيا » قابلة لنفوسها على سبيل الاستعداد ونفوس الآخرة فاعلة لأبدانها على وجه الإيجاب ، وفي الآخرة يتنزل الأمر من النفوس إلى الأبدان. (٢)
الثالث : إنّ القوة ها هنا مقدمة على الفعل زماناً والفعل مقدم عليها ذاتاً ووجوداً. (٣)
الرابع : إنّ الفعل ها هنا أشرف من القوة ؛ لأنّه غاية لها ، وهناک القوة من الفعل ؛ لأنها فاعلة له. (٤)
الخامس : إنّ الأبدان في الآخرة وأجرامها غير متناهية على حسب أعداد تصورات النفوس وإدراکاتها ؛ لأن براهين تناهي الأبعاد غير جارية فيها ، بل في جهات وأحياز ماديين ، وليس فيها تزاحم وتضايق ، ولا بعضها من بعض في جهة ولا داخلة ، ولکل إنسان من سعيد وشقي عالم تام برأسه أعظم من هذا العالم لا ينتظم مع عالم آخر في سلک واحد ، ولکلِّ من أهل السعادة ما يريده من المسلک بأي فسحة يريدها ، فالعوالم هناک بلا نهاية کلّ منها ( كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) (٥) بلا مزاحمة شريک وسهيم. (٦)
ــــــــــــــــ
١. صدرالمتألهين ، کتاب العرشية ، ص ٥٤.
٢. المصدر السابق.
٣. المصدر السابق.
٤. المصدر السابق.
٥. الحديد ، ٢١.
٦. صدرالمتألهين ، الشواهد الربوبية ، ص ٢٦٨.