أجزاؤه وتحولت لوازمه من أينه وکمه وکيفه ووضعه ومتاه کما في طول عمره ، وکذا القياس لو تبدلت صورته الطبيعية بصورة مثالية ، کما في المنام وفي عالم القبر والبرزخ إلى يوم البعث ، أو بصورة أخروية کما في الآخرة ، فإن الهوية الإنسانية في جميع هذه التحولات والتقلبات واحدة هي هي بعينها ، لأنها واقعة على سبيل الاتصال الوحداني التدريجي ، ولا عبرة بخصوصيات جوهرية وحدود وجودية واقعة في طريق هذه الحرکة الجوهرية ، وإنما العبرة بما يستمر ويبقى ، وهي النفس ؛ لأنها الصورة التمامية في الإنسان التي هي أصل هويته وذاته ، ومجمع ماهيته وحقيقته ... إلى أن قال : فإذا سئل عن بدن زيد مثلاً : هل هو عند الشباب ما هو عند الطفولية وعند الشيخوخة ؟ کان الجواب بطرفي النفي والإثبات صحيحاً ، باعتبارين (١) :
أحدهما : اعتبار کونه جسماً بالمعنى الذي هو مادة ، وهو في نفسه أمر محصل.
وثانيهما : اعتبار کونه جسماً بالمعنى الذي هو جنس ، وهو أمر مبهم ، فالجسم بالمعنى الأول جزء من زيد غير محمول عليه ، وبالمعنى الثاني محمول عليه متحد معه ، وأما إذا سئل عن زيد الشاب : هل هو الذي کان طفلاً وسيصير هو بعينه کهلاً وشيخاً ؟ کان الجواب واحداً وهو نعم ، لأن تبدل المادة لا يقدح في بقاء المرکب بتمامه ؛ لأن المادة معتبرة لا على وجه الخصوصية والتعين ، بل على وجه الجنسية والإبهام.
ز) تجرد القوة الخيالية
يعد هذا الأصل من أهم الأصول التي ذکرها صدرالمتألهين في باب إثبات المعاد الجسماني ، بل قد يکون الرکن الأساسي فيها لما للقوة الخيالية من أهمية عظيمة في إثبات المعاد الجسماني بحسب نظره الشريف ، وقد بينا سابقاً في الفصل الأول الأصل السادس الکثير عنها ، وليکن هنا الکلام عنها باختصار اعتماداً على ما مرَّ
ــــــــــــــــ
١. مراجع : صدرالمتألهين ، الأسفار ، ج ٩ ، ص ١٩١ ؛ الأصل السابع.