قرب ذقنه وهو الوضع الذي يکون عليه الجنين في بطن أمه ، أنه تعبير قوي علي البعث ، وأن الإنسان سيحيا ثانية ، کما خرج من أحشاء أمه. (١)
کما أن مسألة ترک الوافذ في القبور ، ودفن الطعام والشراب مع الميت ، وتحصين القبور وبناء الأهرامات على هذا الشکل المرئي ، وبهذه الهندسة العجيبة الباهرة للعقول ، تکشف من جهة عن مدى اعتقادهم بفکرة الحياة بعد الموت ، ومن جهة أخرى تحکي التقدم الحضاري للشعب المصري في تلک القرون القديمة.
٣. المجتمع الهندي
أ) ديانة البراهمة : هناک حقيقة لا يمکن غض النظر عنها ، وهي کما يعبر عنها مؤرخ الأديان الدکتور دراز : ( إن الحقيقة الکبري التي أجمع عليها مؤرخو الأديان هي أنه ليست هناک جماعة إنسانية ـ بل أمة کبيرة ـ ظهرت وعاشت ، ثم مضت دون أن تفکر في مبدأ الإنسان ومصيره ، وفي تعليل ظواهر الکون وأحداثه ). (٢)
ولا شک أن الهنود أمة من الأمم التي ظهرت ومازالت حية ، ولها الدور الکبير في رقي الحياة وتطورها ، ولها حضارتها العريقة ، فهي واحدة من الأمم التي فکرت في مبدأ الإنسان ومصيره ، وعللت ظواهر الکون وأحداثه ، ولکن يجب أن يعلم أن أمة الهنود لم تکن على ملة وديانة واحدة ، بل قد لا نجد بلداً کالهند بالنسبة لوجود الديانات المتعددة والمختلفة فيها ، حتى أنها اشتهرت على ألسن الناس بأنها بلد العجائب والغرائب ، ولکن أبرزها کانت ديانة البراهمة ، التي تعد من أقدم الديانات ظهوراً في الهند ، وإلى جانبها الديانة البوذية المعروفة ، وترتبط عقيدتهم بالحياة بعد الموت بمجموعة أمور ينبغي التطرق إليها بالشکل الذي يتناسب مع بحثنا وغرضنا من هذه المواضيع.
ــــــــــــــــ
١. د. محمد عبدالله دراز ، کتاب الدين ، ص ٣٤.
٢. نقلاً عن : للأنبا يؤانس ، کتاب السماء ، نقله د. فرج الله عبدالباري في کتابه اليوم الآخر بين اليهود والإسلام ، ص ١٤٥.