يحقق لنا هذا العينية أم أنه يحقق لنا المثلية ، وأي مثلية منهما العقلية الفلسفية أم المثلية العرفية ؟ وعلى أي حال إن الالتزام بهذا القول يعد تخرصاً ورجماً بالغيب ، ما لم يوضح المراد من العجب أو العجز الوارد ذکره في الرواية السابقة.
رابعاً : ويبقى شيء عندنا يحتاج إلى جواب من الخواجة وأتباعه وهو : ما هو الملاک في تقسيم أجزاء بدن الإنسان إلى أصلية وغير أصلية ، بحيث تکون الأولى غير قابلة للتحول والتجزئة وإن تغذى عليها الإنسان أو غيره من الحيوانات الأخرى دون الثانية ؟ في الوقت الذي أثبت العلم الحديث أنه لا توجد في جسم الإنسان أجزاء غير قابلة للتغيير والتبدل والتحول ، بل البدن الإنساني يتبدل بشکل تام کل سبع سنوات ، وعليه فالتبدل والتغير يطرأ على بدن الإنسان أکثر من عشر مرات في أثناء طي عمره الطبيعي ، ومع ثبوت هذه الحقيقة العلمية ، فما هي الأجزاء الأصلية ، وأين يکمن وجودها ؟ ولماذا لا يکون هناک احتمال أن تکون الأجزاء الأصلية ممکنة لأن تکون جزءاً أصلياً للآکل ؟
وقد يجيبنا البعض بثبوت القدرة الإلهية لله تعالى ، بأن يحفظها عن ذلک.
أقول : نحن لا نشک بثبوت القدرة المطلقة لله تعالى على کُلِّ شيءٍ ، ولکن ثبوت القدرة على کل شيء شيءٌ ، وما نحن فيه شيءٌ آخر ، ولا ملازمة في البين في ذلک ، نعم هذا يصدق فيما لو أغمضنا أعيننا عن الملاکات العقلية ، ولکن هذا يستلزم الهرج والمرج في التکفير الإنساني ، وهو باطل بالضرورة ، وعليه فکيفما کان لا يمکننا أن نسلم بما قاله الخواجة في جواب الشبهة المذکورة ، ولا يضر في إعادة عين الجسم الإنساني في اليوم الآخر ، خصوصاً وأنّ هناک طرقاً أخرى على إثبات هذا الأمر سيأتي عرضها فيما بعد.
الشبهة الثانية : عظم بدن المعاد
ويمکن أن نصورها بصورتين وهما :
الصورة الأولى : وهي أن الله تعالى لو أعاد جميع أجزاء بدن الإنسان من أول