عاش ببدن في بداية حياته هو « زيد » الذي يعيش ببدن آخر غير الأول تماماً في جميع أجزائه وذراته ، فهو مع وحدته النفسية الشخصية إلاّ أن بدنه غير الأول تماماً ، فلا أصلية بعد للبدن ما دام واقعاً موضوعاً للتغير والتبدل الشامل لجميع أجزائه. وسيأتي الکلام من أنه العمدة في الإنسان هي النفس ، وأمّا البدن فيتشخص ويتعين بها ، والنفس لها وحدة شخصية لا تقبل التبدل والتغير على أساس الکون والفساد ، نعم إنها تتکامل على أساس اللبس بعد اللبس.
ثانياً : حتى لو سلمنا بوجود أجزاءٍ أصلية کما ذهب إليها الخواجة وجمع من المتکلمين ، فإنا نواجه المحذور التالي : وهو فيما لو تعرض جسم الإنسان للاحتراق بنار شديدة جداً بحيث تحول بدنه إلى رماد أسود ، وذلک بمقتضى فاعلية ومؤثرية النار وعدم مانعية ومقاومة جسم الإنسان لها ، وحينئذ لا يبقى شيء اسمه أصلاً وآخر اسمه فاضل مع ثبوت الاستحالة الکلية للجسم وبدن الإنسان بفعل النار القوية ، وطبيعي أن الرماد ماهية وحقيقة أخرى غير اللحم والدم والعظم والجلد ، وعليه کيف لنا أن نحتفظ بالأجزاء الأصلية التي قال بها الخواجة وأتباعه ، والحال لم يبق عندنا شيء يمکن أن نحکم عليه أنه جزء لبدن الإنسان بعد تحول حقيقته حقيقة أخرى ؟
ثالثاً : إن دليل الخواجة ومن تابعه من المتکلمين ليس دليلاً عقلياً ، بل هو دليل نقلي معتمداً على رواية قد رواها العامة عن النبي ٩ ، وهي لا تنهض في المقام کدليل على إثبات المطلوب ، وحتى لو سلمنا بدلالية هذه الرواية على المطلوب ، فإنه يبقى سؤال عندنا نسأله من الخواجة وهو : هل إن هذا الشيء المأخوذ في الرواية ـ الذي تعبر عنه الرواية بعجب الذنب ، والذي اعتبره الخواجة أصلاً لا يتغير ولا يتبدل ، يقوم مقام البدن بتمامه ؟ وهل مثل هذا يجوز لنا نسبته إلى المولى القدير العالم بکل شيء ، والقادر کل شيء ؟ وهل إن البدن المعاد من هذا الجزء الذي لا يکاد أن يرى بالعين المجردة عين البدن الأول بوزنه وحجمه ؟ وهل