الأخير وکان مسلماً مطيعاً وکان أصلها مع الکافر أو العاصي ، فإنها سوف تنعم بنعيم الأخير ، وإن أعيدت مع أصلها فإنها سوف تعذب بعذابه مع أنها قد وقعت منها طاعة في الفترة التي کانت فيها مع المسلم المطيع.
الصورة الثالثة : لو صارت بعض أجزاء عضو معين أجزاءً لعضو آخر عن طريق التوصيل والرقع الجراحي الحديث ، أو عن طريق التغذية المباشرة أو غير المباشرة ، فإن أعيدت أجزاء کل عضو إلى عضوها ، لزم جعل ذلک الجزء جزءاً من عضوين وهو محال ؛ إذ لم يعد کما کان ، کما أن قد لا يصل الحق في الثواب والعقاب إلى المستحق منهما لحصول التحلل والترکب منهما بالنظر صاحب المرکب منهما أولاً وثانياً.
جواب الخواجة نصير الدين الطوسي لها : لقد أجاب عنها الخواجة بنحو مختصر بما يلي : ( قال : ولا تجب إعادة فواضل المکلف ). (١)
توضيح ذلک : ما بينه الشارح لکلام الخواجة ـ العلامة الحلي في کشف المراد ـ وهو على النحو التالي : ( إن لکل مکلف أجزاء أصلية لا يمکن أن تصير جزءاً من غيرها ، بل تکون فواضل من غيره لو اغتذى بها ، فإذا أعيدت جعلت أجزاءً أصلية له أولاً ، وتلک الأجزاء هي التي تعاد ، وهي باقية من أول العمر إلى آخره ). (٢)
ويمکن أن يعترض عليه بما يلي :
أولاً : إنّه مبني على أصل قد ثبت بطلانه بالتجربة والعلم الحديث ، في أنه لا يبقى شيء من جسم الإنسان سالماً من دون أن يطرأ عليه التبدل والتغير ، بل ثبت بالدليل العلمي أن جميع أجزاء البدن الإنساني بما فيها خلايا الدماغ وأجزاء العظام صغيرها وکبيرها بما فيها عظام فقرة العجز ، التي يظن أن الرواية ناظرة إليها بحسب ظاهرها : « کعجب الذنب أو کعجز الذنب » ، (٣) تتبدل وتتغير من دون استثناء فيها ، ف « زيد » الذي
ــــــــــــــــ
١. کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، تحقيق الشيخ السبحاني ، قسم الإلهيات ، ص ٥٨.
٢. المصدر السابق ، ص ٢٥٩.
٣. أحمد بن حنبل ، مسند ، ج ٢ ، ص ٤٢٨ ؛ تفسير الصافي ، ج ١ ، ص ١٤٤ ؛ وغيرها.