توضيح : لو رجعنا إلى القرآن الکريم فإنا نجد في تکثير من آياته الشريفة إشارات واضحة تحکي هذه الحقيقة ، ومنها قوله : ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ) ، (١) وقوله : ( وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ) ، (٢) وقوله : ( وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ) ، (٣) وقوله : ( اللهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ، (٤) وغيرها من الآيات القرآنية الدالة على هذا الأمر ، فالحرکة ثابتة للأشياء المادية بالحس والوجدان ، فما من لحظة إلا وللتغيير والتبدل قدم فيها ، وما بالعرض يرجع إلى ما بالذات ، ومادام عالم الطبيعة واحداً بالوحدة الحقيقة غير الحقة ، فما لم يصل إلى مرساه وغايته ونهايته ، فحاله کحال السفينة الجارية في البحر ، ما لم تصل إلى الساحل ونقطة مرساها فإنها تبقى متحرکة هنا وهناک في کل لحظة من لحظات الزمان ، وقد سئل النبي الأعظم عن مرسى سفينة الطبيعة والعالم ( أَيَّانَ مُرْسَاهَا ) ، (٥) أي متى تلقي القيامة مرساها ؟ متى يهدأ الطوفان ؟ فموجودات هذا العالم في حالة حرکة مستمرة وسيلان دائم ، ولهذا يمکن أن يلحق ببعضها الأذى بسبب التصادم والتزاحم ، وعندئذ فلا يصل إلى هدفه المطلوب له ، ولکن النظام بما هو نظام کلي واحد سيصل إلى هدفه ومقصده لعدم وجود المزاحم للنظام الکلي لا من الداخل ولا من خارج ، لأن المزاحمة أمر نسبي له ، ومع عدم وجوده ، فما هو المانع من وصوله إلى هدفه ومقصده ؟
هذا ما أشار إليه السيد العلامة محمد حسين الطباطبائي بقوله : بما أن هذا النظام هو واحد حقيقي ، وهذا الواحد الحقيقي في حالة متابعة الهدف ، ولا شيء خارج عن ذلک يکون له عمل مع الحرکة فيؤذيها أو تؤذيه ، إذن فلا مانع في الطريق ، وعندما لا يوجد مانع في الطريق فسيصل کل عالم الطبيعة وعالم الحرکة إلى هدفه ، ولن يوجد باطل ، ولهذا سمى الله سبحانه وتعالى القيامة باسم المستقبل الذي لاريب فيه ( وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا ) ، (٦) ولکنها تصل فجأة عندما سينتهى
ــــــــــــــــ
١. الرعد ، ٢.
٢. لقمان ، ٢٢.
٣. آل عمران ، ١٠٩.
٤. الروم ، ١١.
٥. النازعات ، ٤٢.
٦. الحج ، ٧.