ممتلئاً شبعاً ، وإنما يستلذه الجائع ، وکذلک سائر اللذات الحسية ، فإن العلماء والأطباء بينوا وقرروا أنها دفع الآلام ، فلزم أنه تعالى يؤلم العبد أولاً حتى يوصل إليه لذة حسية ، وذلک أيضاً لا يليق بالحکيم العادل ). (١)
الجواب : وقد أجيب عن هذا الأشکال بأجوبة مختلفة تتناسب مع الأساس الفکري العقائدي لهم ، فمثلاً أجاب عنه المعتزلة بجواب يتوافق مع عقيدتهم بالوعد والوعيد ، وأجاب عنه الأشعرية بجواب يتناسب مع عقيدتهم في الحسن والقبح في أفعال الله ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) (٢) ، (٣) وأجاب عنه الأمامية بجواب يتناسب مع عقيدتهم في ما مرّ ، وإليک بعض هذه الأجوبة ، ثم نذکر لک جواب صدرالمتألهين باعتباره محور الکلام والبحث :
الجواب الأول : ما ذکرته الإشاعرة ، حيث جاء فيه : ( منعهم لزوم الغرض من أفعال الله تعالى وقبحها حال خلوه عنه ، ومنعهم کون الغرض منحصراً في إيصال اللذة والألم ، وبمنع کون اللذة دفعاً للألم ، وبمنع کون اللذات الأخروية کاللذات الدنيوية حتى يستلزم کونها أيضاً دفعاً للألم کهذه ). (٤)
الجواب الثاني : ما ذکرته المعتزلة عنه فهو : ( إن الغرض من المعاد هو نيل الجزاء وظهور صدق الأنبياء ). (٥)
ويرد على جواب الاشاعرة إنه مبني على أساس باطل ، وهو القول بالحسن القبح الشرعيين الذي ذهبت إليه ؛ إذ الثابت خلافه ، وهو الحسن والقبح العقليين الذاتيين ، والمعاد من جملة المسائل التي تقع مقتضى عدل وحکمة الله تعالى ، والعدل حسنه ذاتي عقلي ، وخلافه ظلم ، والظلم قبيح عقلاً وذاتاً ، کما هو مبين في محله.
ويرد على جواب المعتزلة في المقام : ( أنه مصادرة ؛ لأنه لا وجهة للوعد والوعيد
ــــــــــــــــ
١. صدرالمتألهين ، الشواهد الربوبية ، المشهد الرابع ، ص ٢٧٠ ؛ الأسفار ، ج ٩ ، ص ٢١٢.
٢. الانبياء ، ٢٣.
٣. لاحظ : کتاب الأسفار ، ج ٩ ، ص ٢١٢.
٤. الأنبياء ، ٢٣.
٥. الأسفار ، ج ٩ ، ص ٢١١.