صدرالمتألهين ، فتحميل فهم الشخص على أنه هو مراد الآخر ليس بجيد ، فلم يعد صدرالمتألهين أن عملية الموت حالة للفصل بين النفس عن مطلق البدن ، بل هو عملية فصل للنفس عن خصوص البدن العنصري لا مطلق البدن ، إذ أنه يرى في الحال استحالة انفصال النفس عن مطلق البدن ، فهي وإن انفصلت عن البدن العنصري الترابي فإنها مازالت مرتبطة بأجسام أخرى کالجسم المثالي والعقلي بحسب الاصطلاح الفلسفي للجسم ، والمعاد هو للنفس مع الجسم الذي لا تنفک عنه أبدا ، باعتبار أنه يحدد هويتها وحقيقتها.
ثالثاً : إشکال عدم التناسب بين نظرية جسمانية الحدوث وروحانية البقاء مع المعاد الجسماني ، فهو بالنظرة الأولية لا شک أنه ثابت ووارد عليها ، ولکنه لا يرد على مراد الفيلسوف من الجسم کما مرّ بيانه بأن المراد منه هو صورة وهوية الشيء وعليه لا إشکال في أن تبدأ النفس مرحلتها الأولى من الجسم العنصري ، ثم بالتکامل تصل إلى الجسم المثالي وإلى الجسم العقلي ، وأن تعاد بحسب مقامها الذي وصلت إليه في حرکتها الجوهرية التکاملية ، فيکون الجسم في المقامين بمثابة المشترک اللفظي ، في الاصطلاح الأول يراد منه الجسم العنصري الترابي ، وفي الاصطلاح الثاني يراد منه مطلق الجسم المتحد بالنفس نوع اتحاد لا يمكن أن تنفك عنه أبداً ، وعليه فلا يرد إشكال عدم التناسب بين الاصطلاحين ، نعم يرد الإشکال على أن المعاد الذي قال فيه صدرالمتألهين من أنّه جسماني لم يکن مطابقاً لظاهر ما جاء به القرآن الکريم ، وما يفهمه العرف العام من الجسم.
رابعاً : عجز تعقل مسألة من قبل کبار الفلاسفة لا يکون دليلاً على إثبات عجز الآخرين عن ذلک ، فقد يهدي الله سبحانه وتعالى أحداً إلى ما لم يصل إليه الآخرون ،