المبحث الثاني
أهمية التقيّة وفوائدها
لا خلاف بأن كلّ ما ثبت تشريعه في الإسلام لا بدّ وان يشتمل على مجموعة من الفوائد التي ترجع بالنفع إما على الفرد أو المجتمع أو الدين نفسه ، بل عليها جميعاً إذ لا يمكن تصور صلاح المجتمع مع فساد أفراده ، ولا سيادة الدين بفساد المجتمع.
وإذا عدنا إلى التقيّة نجدها مفردة واحدة من مفردات ذلك التشريع العظيم كما مرّ في أدلة تشريعها. وعليه فالحديث عن أهميتها وفوائدها هو الحديث عن فوائد وعوائد التشريع الإسلامي قرآناً وسُنّة ولكن في حيز صغير منه اسمه : التقيّة.
ومن الواضح أنّ المقصود بالتقيّة هنا هي التي تكون في موردها الصحيح والموصوفة على لسان أمير المؤمنين عليهالسلام كما سيأتي بأنّها من شيمة الأفاضل ، وليس كل تقية حتى التي لم يدخلها الشارع المقدس في مفهوم الحكم الثانوي الاضطراري (١) فتلك تقية مرفوضة ، إذ لا أهمية لها
____________
(١) الحكم إمّا أن يكون أوّليّاً وهو المنصوص عليه بخصوصه في الشريعة الإسلامية ، كحرمة أكل لحم الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وغيرها. وهذا الحكم هو الأصل.
وإمّا أن يكون ثانوياً وهو الفرع ويكون على قسمين :
١ ـ حكم ثانوي ظاهري ، كالأحكام الواردة لحالة شك المكلف ، ومواردها الأصول العملية : البراءة ، والاحتياط ، والتخيير ، وكذلك القواعد الفقهية ، كقاعدة التجاوز وغيرها.
٢
ـ حكم ثانوي اضطراري ، وهي الاحكام التي جاءت للتوسعة على المكلف العاجز عن القيام