أبى البخاري في صحيحه إلّا أن يروي مفتريات أبي هريرة في تكذيب إبراهيم عليهالسلام ، فقد أخرج في صحيحه من طريقين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال بزعم أبي هريرة : « لم يكذب إبراهيم إلّا ثلاثاً » وفي لفظ آخر : « لم يكذب إبراهيم عليهالسلام إلّا ثلاث كذبات » (١).
ولم يكتف البخاري بهذا ، بل أخرج بسنده عن أبي هريرة نفسه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : (.. إنّ الله يجمع يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد... فيأتون إبراهيم فيقولون : أنتَ نبيُ الله وخليله من الأرض اشفع لنا إلى ربّك فيقول فذكر كذباته : نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى موسى).
ثم قال البخاري : (تابعه أنسٌ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ) (٢) !!
أقول : معاذ الله أن نصدّق بهذه الأكاذيب وان قالوا بوثاقة رواتها ! ، وكيف لا نكذّبهم وقد رموا من قد رفع الله محلّه ، وارسله من خلقه رحمة للعالمين وحجة للمجتهدين ؟
قال الفخر الرازي في تفسيره عن خبر أبي هريرة في صحيح البخاري : (ماكذب إبراهيم إلّا ثلاث كذبات) قال : (قلت لبعضهم : هذا الحديث لاينبغي أن يقبل ؛ لأنّ نسبة الكذب إلى إبراهيم عليهالسلام لا تجوز ، وقال ذلك الرجل : فكيف يحكم بكذب الرواة العدول ؟ فقلت : لما وقع التعارض بين
____________
(١) صحيح البخاري ٤ : ١٧١ باب قول الله تعالى : ( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ) من كتاب بدء الخَلق.
(٢) صحيح البخاري ٤ : ١٧٢ باب يَزِفُّونَ النَّسَلانُ في المشي من كتاب أحاديث الأنبياء.