المقدِّمة
نحمدك اللَّهم في الضراء والسراء ، ونلوذ بك في الشدة والرخاء ، ونصلي ونسلم على نبيك ورسولك العظيم محمد أشرف الرسل والأنبياء ، وعلى آله المنتجبين الأوصياء ، وأصحابهم المخلصين الأوفياء ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الجزاء ، وبعد.
إنّ التدبر في ما انطوت عليه مفاهيم الشريعة الإسلامية ، يعطي انطباعاً كافياً لعناية الإسلام الفائقة بكل ما يرفع من قدر الإنسان ، ويصون ماء محياه من الوقوف على أبواب المذلة والهوان التي لا تستسيغها النفوس المتطلعة إلى الكمال ، ولا يقبلها كل ذي مجد أثيل.
ويكفي أن الشريعة الغرّاء اسقطت في حالات الإكراه والاضطرار بعض الواجبات وأباحت بعض المحرمات لهذا المخلوق العجيب الذي مُيز عن سائر المخلوقات ، وجُعل أجل وأسمى من أن يعيش بلا غاية ولا هدف هملاً كالسوائم والهوائم التي ليس من شأنها أن تطمح في الوصول إلى مراقي العز والكرامة والشرف.
ومن بين تلك المفاهيم التي أحببنا الحديث عنها ، هو مفهوم التقيّة الذي طالما فهمه الجهلاء من خصوم الحق وأتباعه ، وسيلة للتخلص من تبعة التقصير في الدين ، أو المسائل التي تخدم المجتمع وتنفع الاُمّة ، فنقول :