المشركين على أحسن ما يرام ، وقد تمّ له ذلك بفضل التقيّة التي شهد فصولها حينذاك العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي اغتمّ أولاً ثم استرّ بعد أن سرّه ابن علاط بحقيقة الخبر (١).
يتصل حديث الرفع بالتقيّة من جهتين ، وقد تضمنهما الحديث نفسه ، الجهة الأولى : اشتماله على عبارة (وما أكرهوا عليه) ، والتقيّة غالباً ما تكون باكراه ، وقد بيّنا سابقاً صلة الإكراه بالتقيّة ، ونتيجة لتلك الصلة فقد علم جميع المفسرين بلا استثناء دلالة قوله تعالى : ( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) على جواز التقيّة في الإسلام ولم يناقش أحد منهم في ذلك. الجهة الثانية : اشتمال الحديث في بعض مصادره على عبارة (وما اضطروا إليه) ، وقد تبين سابقاً ان من الاضطرار ما يكون بغير سوء الاختيار ، وان من أسبابه هو فعل الغير كما في الاكراه. كما تبين في أركان الاكراه ما يدلُّ على ان الاكراه الذي لا يضطر معه المكرَه إلى ارتكاب المحظور لا تجوز معه التقيّة إذ لم يعد الاكراه اكراهاً في الواقع لفقدانه أحد أركانه ، فيكون اكراهاً
____________
(١) اُنظر : تقية الحجاج بن علاط في مسند أحمد ٣ : ٥٩٩ ٦٠٠ / ١٢٠٠١ والطبعة الاُولى ٣ : ١٣٨ ١٣٩. ومصنف عبدالرزاق ٥ : ٤٦٦ / ٩٧٧١. والمعجم الكبير / الطبراني ٣ : ٢٢٠ / ٣١٩٦. ومسند أبي يعلى الموصلي ٣ : ٣٩٩ ٤٠٣ / ٣٤٦٦. وتاريخ الطبري ٢ : ١٣٩ في حوادث سنة ٧ هجرية. ومثله في الكامل / ابن الاثير ٢ : ٢٢٣. والبداية والنهاية / ابن كثير ٤ : ٢١٥. والاصابة / ابن حجر ١ : ٣٢٧. وقال في مجمع الزوائد ٦ : ١٥٥ : ورجال أحمد رجال الصحيح.