(وقد تكلم المفسرون هنا في التقيّة إذ لها تعلق بالآية ، فقالوا : أمّا الموالاة بالقلب فلا خلاف بين المسلمين في تحريمها ، وكذلك الموالاة بالقول والفعل من غير تقية ، ونصوص القرآن والسُنّة تدل على ذلك.
والنظر في التقيّة يكون : فيمن يتقى منه ، وفيما يبيحها ، وبأي شيء تكون من الأقوال والأفعال ؟
فأما من يتقى منه : فكل قادر غالب يكره يجوز منه ، فيدخل في ذلك الكفار ، وجورة الرؤساء ، والسلابة ، وأهل الجاه في الحواضر.
وأمّا ما يبيحها : فالقتل ، والخوف على الجوارح ، والضرب بالسوط ، والوعيد ، وعداوة أهل الجاه الجورة.
وأمّا بأي شيءٍ تكون ؟ من الأقوال : فبالكفر فما دونه ، من بيع ، أو هبة وغير ذلك. وأمّا من الأفعال : فكل محرم.. وقال مسروق : إن لم يفعل حتى مات دخل النار ، وهذا شاذ) (١).
وجدير بالاشارة هنا ، هو ما صرّح به فقهاء الفريقين ومفسروهم من جواز التقيّة بين المسلمين أنفسهم استناداً إلى طائفة اُخرى من الآيات الكريمة من قبيل قوله تعالى : ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢).
فهو : (يدل على حرمة الاقدام على ما يخاف الإنسان على نفسه أو
____________
(١) تفسير البحر المحيط ٢ : ٤٢٤.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٩٥.