وقد يكون السبب أن هذه الاُمور الثلاثة مما هي معلومة جداً من مذهبه عليهالسلام ، وإن التقيّة فيها لا تجدي نفعاً لأن كل من عاصر الإمام الصادق عليهالسلام يعلم رأيه في هذه الثلاثة ، فلا حاجة لان يتقي فيهن أحداً.
وفي حديث آخر بالغ الأهمية مع علو اسناده وصحته ، عن مسعدة ابن صدقة قال : (سمعتُ أبا عبدالله عليهالسلام يقول وسئل عن إيمان من يلزمنا حقه واخوَّته كيف هو وبما يثبت وبما يبطل ؟ فقال عليهالسلام : « إنّ الإيمان قد يتخّذ على وجهين : أما أحدهما : فهو الذي يظهر لك من صاحبك فإذا ظهر لك منه مثل الذي تقول به أنت ، حقت ولايته وأخوّته إلّا ان يجيء منه نقض للذي وصف من نفسه وأظهره لك فإنّ جاء منه ما تستدل به على نقض الذي أظهر لك خرج عندك مما وصف لك وأظهر ، وكان لما أظهر لك ناقضاً إلّا أن يدّعي أنّه إنما عمل ذلك تقية ، ومع ذلك ينظر فيه :
فإن كان ليس مما يمكن أن تكون التقيّة في مثله ، لم يقبل منه ذلك ؛ لأن للتقية مواضع ، من أزالها عن مواضعها لم تستقم له. وتفسير ما يتقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله ، فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنّه جائز » (١).
____________
(١) اُصول الكافي ٢ : ١٦٨ / ١ باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه ، من كتاب الايمان والكفر.