احتج إمام المذهب المالكي (مالك بن أنس) بهذه الآية ، على أن طلاق المكره تقية لا يقع ، ونسب هذه الفتيا إلى ابن وهب ورجال من أهل العلم على حد تعبيره ثم ذكر اسماء الصحابة الذين قالوا بذلك أيضاً ، ونقل عن ابن مسعود قوله : (ما من كلام يدرأ عني سوطين من سلطان إلّا كنت متكلماً به) (١).
قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى : ( إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) : (إلّا أن تخافوا أمراً يجب اتقاؤه تقية .. رخص لهم في موالاتهم إذا خافوهم ، والمراد بتلك الموالاة : مخالفة ومعاشرة ظاهرة ، والقلب بالعداوة والبغضاء وانتظار زوال المانع) (٢).
وأما الفخر الرازي فقد بين في تفسير الآية أحكام التقيّة ، قائلاً : (إعلم أن للتقية أحكاماً كثيرة ، إلى أن قال : الحكم الرابع : ظاهر الآية يدل على أن التقيّة إنّما تحلّ مع الكفار الغالبين ، إلّا أن مذهب الشافعي : إنّ الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلّت التقيّة محاماة على النفس.
الحكم الخامس : التقيّة جائزة لصون النفس ، وهل هي جائزة لصون
____________
(١) المدونة الكبرى / مالك بن أنس ٣ : ٢٩ ، مطبعة السعادة ، مصر.
(٢) الكشاف / الزمخشري ١ : ٤٢٢.