الصادق عليهالسلام ما يؤيد هذا ، فقال عليهالسلام : « اتقوا الله ، وصونوا دينكم بالورع ، وقووه بالتقيّة » (١).
٣ ـ التقيّة شجاعة وحكمة وفقاهة ، وتوضيح ذلك إنّ التقيّة وسط بين طرفين : إمّا الافراط في استخدامها في كل شيء بلا قيد أو شرط ، بمعنى الهروب عن مواجهة الباطل في كلِّ ظرف حتى فيما يستوجب المواجهة ، وهذا هو الجبن بعينه. وإما التفريط في تركها في كل حين حتى في موارد وجوبها لحفظ النفس من التهلكة ، وهذا هو التهوّر بعينه. ولا وسط بين هاتين الرذيلتين في علم الأخلاق إلّا فضيلة الشجاعة. وبهذا يكون استخدامها في موردها الصحيح من الحكمة ؛ لأنّها وضع الشيء في موضعه ( وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ) (٢).
وأما كونها من الفقاهة ، فهو مما لا شكّ فيه ، لأنّ للتقية جملة من الأحكام كما مرّ ، واستخدامها الأمثل لا يتم من غير علم بتلك الأحكام ، وهذا هو عين التفقه ، ويدل عليه حديث الإمام الباقر عليهالسلام في التقيّة : « ... فأما الذي برئ فرجل فقيه في دينه » (٣) وفي الحديث الشريف : « من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين » (٤).
٤ ـ التقيّة تؤدي إلى وحدة المسلمين بحسن المعاشرة فيما بينهم ،
____________
(١) أمالي الشيخ المفيد : ٩٩ ـ ١٠٠ ، المجلس الثاني عشر.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٩.
(٣) اُصول الكافي ٢ : ٢٢١ / ٢١ ، باب التقيّة.
(٤) سنن ابن ماجة ١ : ١٤٣ / ٢٢٠ باب فضل العلماء والحث على طلب العلم.
ومسند أبي يعلى الموصلي ٥ : ٣٢٦ / ٥٨٢٩. ومجمع الزوائد / الهيثمي ١ : ١٢١ قال : (ورجاله رجال الصحيح).