ومات فيها غريباً وحيداً بلا خلاف بين سائر المؤرخين ، ومنه يعلم من هم الناس الذين وصفوا بالحثالة !
هذا ، وقد روى الشيخ المفيد في أماليه بسنده عن أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام أنه قال : « خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم ، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم » (١).
ولست أدري كيف تكون مخالقة حثالة الناس بأخلاقهم ومخالطتهم باللسان والمخالفة في الأعمال والمزايلة بالقلوب من غير تقية ؟!
وهو ما أشرنا إليه في قصة عمار وأصحابه الذين أظهروا كلمة الكفر بلسانهم وقلوبهم مطمئنة بالايمان.
فقد روى الطبري بسنده عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، أنه قال : (أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى باراهم في بعض ما أرادوا ، فشكا ذلك إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كيف تجد قلبك ؟ قال : مطمئناً بالايمان ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : فان عادوا فعد » (٢).
وفي تفسير الرازي أنه قيل بشأن عمار : (يا رسول الله ! إنّ عماراً كفر ! فقال : «كلّا ، إنّ عماراً مليء إيماناً من فرقه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه ، فأتى عمار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يبكي ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يمسح عينيه ويقول : ما لكَ ؟ إن عادوا لك فعد لهم بما قلت » (٣).
____________
(١) أمالي الشيخ المفيد : ١٣١ / ٧ المجلس الخامس عشر.
(٢) تفسير الطبري ١٤ : ١٢٢.
(٣) التفسير الكبير / الرازي ٢٠ : ١٢١.